الخميس 17 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مشكلة الإعلام

مشكلة الإعلام






استقر الأمر أن العمل فى الإعلام يندرج تحت توصيف المهنة وليس الوظيفة، كونه نشاطا يعتمد على الإبداع والرؤية والقدرة على الابتكار، بينما الوظيفة عمل إدارى ينحصر فى القواعد الروتينية والتعليمات والأوامر.
بالقطع لا يعنى ذلك أن تغيب المفاهيم الوظيفية والقواعد عن الإبداع الإعلامى، وإلا لتحول الأمر فعلا إلى فوضى، ولكن المهم أن تحدد من يقود من ومن يتقدم على حساب الآخر؟ هل يتفوق الإبداع؟ أم تسيطر الإداريات؟
لحقب وعهود طويلة سادت مفاهيم القواعد والتعليمات والأوامر وتركت بصماتها واضحة على الإعلام المصرى والذى نجح رغم كل ذلك فى تقديم رموز وقيادات مهنية فرضت نفسها على المنطقة العربية وقادت تأسيس النشاط الإعلامى فى هذه البلاد منذ بدايتها وحتى فترة قريبة.
فى تقديرى أن ما نعانيه الآن يرتبط فى جانب كبير منه إلى عودة سيادة روح العمل الوظيفى على المهنة بسبب التوقف عن الأخذ بأساليب التأهيل والتدريب من ناحية، وتخلف الأوضاع التشريعية  وتراجع عمليات متابعة التطورات التى لحقت بالمهنة من مختلف الجوانب.
التشريعات الإعلامية الجديدة وفقا لنصوصها تضخ روحا جديدة فى الوسط الصحفى، وتفتح الباب لآفاق جديدة أكثر اتساعا مما نتخيل أو نتوقع، وهى تضع الأجيال الجديدة على بداية طريق مختلف.
لكن اعتقادى أن المشكلة الحقيقية ليست فى النصوص ومواد القانون قدر ما هى مشكلة رؤية لما يجب أن يكون عليه الإعلام ودوره المجتمعى وكيف يمكن تحقيق هذا الدور والقواعد التى يجب أن يتحرك على أساسها، وهى كلها محددات تتطلب فكرا مختلفا واهتمامات مغايرة لما ساد لسنوات طويلة.
الحرية المطلقة فى الإعلام مفسدة، كما أن القيود الصارمة قاتلة، وفى الحالتين لا تنتظر من الإعلام دورا، كما أن التعامل مع الوسط الإعلامى باعتباره فصلا مطلوبا من التلاميذ فيه الاستماع للمعلم فقط يمثل ضررا بالغا، فإن التعامل معه أيضا باعتباره ساحة للانطلاق والتعبير غير المنظم عن الرأى يمثل ضررا فادحا.
ظنى أن أساليب الورقة والقلم والقرارات كانت عائقا أمام الهيئات الوطنية الثلاث خلال المرحلة الماضية، وتصور أن إعادة الإعلام إلى دوره المجتمعى تتطلب رقابة صارمة ومواجهة حادة مؤلمة غير موفق فهوتصور لفرض مواقف وليست أساليب ملائمة لإعادة صياغة الحالة الإعلامية المطلوبة.
فى تقديرى أن الهيئات الوطنية فى ثوبها الجديد بعد إقرار التشريعات الخاضعة للمناقشة فى البرلمان ستدخل فى مواجهات حقيقية تقتضى صياغة رؤى قبل إصدار لوائح ومدونات وقرارات، وهى رؤى تتطلب تفاهما واضحا بين الأطراف الأربعة المكونة للمنظومة من هيئات ومالكين وإعلاميين وجمهور.
الرؤى المنشودة عن كيفية إعادة صياغة الدور الإعلامى وفقا لتطورات العصر ولإطلاق الطاقات بما يتيح جذب استثمارات توفر متطلبات تطوير وتحديث الإعلام المصرى، وتعيد تأهيل وتطوير الإعلام المصرى ليستعيد مكانته المفقودة.
استعادة الإعلام لدوره التنموى لا يرتبط برفع الشعارات أو إصدار القرارات إنما بالأفكار والرؤى وتشجيع الإبداع فى ظل قوانين تسمح ولا تمنع، تتيح ولا تعيق، وهى اشتراطات متوافرة فعلا فى التشريعات الماثلة أمام البرلمان.