الجمعة 16 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
المليارات التائهة

المليارات التائهة






«خير للركب».. هكذا وصف رئيس جمعية الأورمان التبرعات فى شهر رمضان.. فـ«المليارات التائهة» انتقلت من جيوب البسطاء دون رقيب أو حسيب، إلى حسابات البنوك للجمعيات الخيرية والمؤسسات الصحية، التى استخدمت هذا العام أساليب مبتكرة لـ» التسول الشيك»، من خلال إعلانات الـ» أوت دورز» على المحاور والطرق الرئيسية، والدعاية المكثفة فى الفضائيات.
لجأت الجمعيات والمؤسسات، إلى وكالات الدعاية التى استعانت بمشاهير الفن والرياضة والإعلام ومشايخ الأزهر ورجال الكنيسة، لحث المواطنين على التبرع، إما لوضع حجر الأساس، أو استكمال توسعات المستشفيات التابعة لها.
«سبوبة إعلانات» رمضان، تنافس على جنى ثمارها، واقتسام «كعكتها»، عدة أطراف، فى مقدمتها وكالات الدعاية والإعلان التى اعتمدت فى حملاتها على نجوم الفن والرياضة، واختارت توقيتات مميزة من حيث نسبة المشاهدة على الفضائيات، وكثفت من إلحاحها لدفع المواطنين للتبرع، حيث تجاوز ما اقتنصته وكالات الدعاية والفضائيات ونجوم الفن والرياضة من «سبوبة الإعلانات» المليار جنيه، وللأسف الشديد هى من أموال تبرعات الفقراء والأغنياء، أما الجمعيات الخيرية والمؤسسات الصحية فقد فازت بنصيب الأسد، حيث ارتفع إجمالى تبرعات المصريين خلال شهر رمضان من 5,4 مليار جنيه إلى 8 مليارات،»بحسب ما جاء على لسان مصطفى زمزم رئيس مجلس أمناء مؤسسة صناع الخير».
لم يكن مفاجأة للجميع أن يحتفظ مستشفى 57357 لعلاج سرطان الأطفال بالمركز الأول من حيث عدد الإعلانات التى تم بثها على الفضائيات، وحجم الإنفاق عليها، وأيضا ما حصل عليه من تبرعات، حيث تجاوز عدد مرات الإعلان خلال الشهر الكريم الـ 10 آلاف إعلان، فى الفواصل المختلفة للبرامج و المسلسلات الدرامية، ثم جاء فى الترتيب التالى مستشفيات» 500- 500» لعلاج الأورام بالشيخ زايد، ومجدى يعقوب لعلاج أمراض القلب بأسوان، وأهل مصر لعلاج الحروق، وبهية لعلاج سرطان الثدى، والمعهد القومى للأورام، ومستشفى الأورمان بالصعيد، ثم بيت الزكاة والصدقات المصرى، ومؤسسة مصر الخير، وجمعية رسالة، وأخيرا مستشفى 25 يناير ومؤسسة الكحلاوى لرعاية مرضى الزهايمر.
15 جمعية خيرية ومؤسسة صحية وتنموية فقط من إجمالى 48 ألف جمعية على مستوى الجمهورية مسجلة بوزارة التضامن الاجتماعى، اقتنصت «سبوبة التبرعات» خلال شهر رمضان، من خلال الإعلانات المكثفة، والتى فاقت بشكل كبير المساحات المخصصة للدراما الرمضانية، أملا فى أن يستفيد منها المرضى والفقراء، لا أن تنفقها تلك الجمعيات والمؤسسات على الفضائيات ووكالات الدعاية والإعلان.
القفزة غير المسبوقة فى حجم الإعلانات على الفضائيات والـ» أوت دورز» يدفع المواطنين إلى طرح تساؤلات هى بالتأكيد مشروعة، متى تعلن الجمعيات الخيرية والمؤسسات الصحية عن حجم التبرعات التى تتلقاها سنويا وخاصة فى شهر رمضان؟.. وما حجم الأموال التى أنفقتها لتمويل حملاتها الدعائية، وهل يجوز أن تنفق الجمعيات تبرعات الفقراء على إعلانات تستهدف جلب المزيد من التبرعات.. وهل تخضع تلك المؤسسات لرقابة وزارة التضامن الاجتماعى والجهاز المركزى للمحاسبات؟