الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
التابعى أيام السجن والكافيار!

التابعى أيام السجن والكافيار!






فى زمن حكومة إسماعيل صدقى باشا «1930» دخل الأستاذ «محمد التابعى» السجن متهمًا بإهانة الحكومة وتم تغريم السيدة «روزاليوسف» بمبلغ خمسين جنيهًا!!
وتقول السيدة «روزاليوسف»: التابعى رجل مرفه رقيق المزاج له أسلوبه الذى لا يتخلى عنه فى الطعام والشراب والراحة فليس غريبًا أن يزعجه السجن ويضايقه ضيقًا شديدًا، وكنا نشعر بضيقه الشديد وراء القضبان من الرسائل والطلبات التى كان يبعث بها كل يوم!!
كانت له فى كل يوم طلبات حتى عينا موظفًا خاصًا لكى يحمل إلى خطاباته ويعود إليه بما يطلب، وما زلت أذكر أنه كان يطلب يوميا تقريبًا كميات جديدة من الحلاوة الطحينية، وفى إحدى المرات أرسل يطلب «كافيار»، وفعلا ذهبت إلى محل «لاباس» ولم أفكر فى أن أشترى له كافيار «سائب» بل اشتريت له «علبة كافيار زجاجية فاخرة أرسلتها إليه.
وفى اليوم التالى جاءنى منه خطاب يتميز غيظًا يقول فيه إن علبة الكافيار محكمة الإغلاق وأن السجن ليس فندقًا فيه شوكة وسكين ليفتح العلبة!! وقد روى لى بعد خروجه كيف اضطر للاعتصام بدورة المياه وكسر علبة الكافيار ليستطيع أن يأكلها!!.
لقد نشر الأستاذ الكيير «صبرى أبو المجد» فى كتابه المهم «محمد التابعى» عشرات الرسائل التى كان يكتبها التابعى للسيدة «روزاليوسف» وهو فى سجنه ومنها:
عزيزتى: بعد كتابة ما تقدم وقد كتبته الفجر، وصلت الحلاوة الطحينية، والحلاوة أكلتها حاف لأنه لم يكن عندى عيش ولم يكن فى وسعى إبقاؤها طويلا، وقد وصلتنى فى حالة طيبة ولكنها كانت كثيرة ونصفها كان يكفى، وعلى كل حال فقد أكلت نصفها وأعطيت نصفها لبعض الزملاء الذين استخدمهم فى حاجاتى، شكرًا.
ويكتب أيضا: «عزيزتى: سمح لى الأطباء من أمس بسرير وترابيزة وماء فتيل اشتريته على حسابى وبرتقالتين فى اليوم وجبنة بيضا فى الفطار وعيش أفرنجى ودواء للإمساك كذلك «لا كيتوييل» الجميع هنا فى غاية الذوق والأدب معى والموظفون الصغار يعاملوننى بمنتهى الاحترام فاطمئنوا من هذه الناحية حتى أننى من كثرة الاحترامات أكاد أنسى أننى مجرم محبوس!!
وبعد سنوات طويلة من خروج التابعى من السجن يكتب هذه الواقعة التى حدثت له وكان وقتها قد انتقل لمستشفى السجن فيقول:
ذات يوم - وكنت فى المستشفى أرسلت لى المرحومة فاطمة اليوسف زجاجة صغيرة مملوءة بالكافيار الأسود اللون الأصيل واحترت كيف أفتح الزجاجة أو البرطمان الصغير وأخيرًا نهضت من فراشى وذهبت إلى غرفة العمليات الجراحية وكانت بجوار الجناح الذى كان سريرى موجودًا فيه، ووجدت فى الغرفة دولابًا مملوءًا بالآلات التى يستعملها الطبيب فى إجراء أية عملية جراحية واخترت منها آله صلبة حادة استطعت أن أنزع بها غطاء برطمان الكافيار، وأعدت الآلة إلى مكانها فى الدولاب بعد أن غسلتها جيدًا فى حوض كان موجودا فى الغرفة وذهبت بالكافيار إلى الحمام القريب من سريرى وأكلت الكافيار «حاف» أى من غير عيش أو توست أو زبدة إلى آخر ما يؤكل به الكافيار»!!
إن قراءة خطابات التابعى للسيدة روز اليوسف وغيرها هى كنز من المعلومات والأسرار والحكايات المجهولة، ينبغى قراءتها من جديد وتأملها بوعى أيضا!
وللحكاية بقية.