
حازم منير
مصر وحقوق الإنسان
فى يقينى أن ملف حقوق الإنسان سيظل سيفا مسلطا فى مواجهتنا لسنوات طويلة مستقبلا خصوصا بعد أن استقرت حفنة من المنظمات السياسية على مهاجمتنا بصورة ممنهجة ومتكررة وبالاتهامات ذاتها وهى على صلة بجماعات سياسية بعضها إرهابى ودوما ما يجتمعون معا وينسقون خطواتهم ومواقفهم وتحديد أهدافهم المشتركة.
بداية يجب الإقرار بأن ملف حقوق الإنسان فى مصر يواجه مشكلات عدة ليست بالقليلة والحكومة نفسها اعترفت أمام المجلس الدولى لحقوق الإنسان بقائمة لا تقل عدد ملاحظاتها عن 240 توصية تقريبًا تعهدت رسميا بالعمل على تلافيها خلال المرحلة المقبلة، لكن ذلك لا يعنى أيضا أن مصر أرض الدم والنار تقتل الشجر والبشر.. إذن لا مبرر أبدًا للحديث عن حقوق الإنسان فى مصر باعتبار أننا تمكنا من تلافى كل المشكلات وتصفية كل الملفات أو إننا لا نعانى مشكلات عدة سواء كانت فى الحقوق المدنية والسياسية أو فى الاجتماعية والاقتصادية أو فى المسائل النوعية كالتمييز والعنف ضد المرأة أو حقوق الأطفال وغيرها الكثير.
المسألة الأساسية هل تنهج الدولة المصرية سياسات وتتبنى رؤى هدفها الاساسى تحسين السجل الوطنى لحقوق الانسان ام انها تعمل بشكل ممنهج ووفقا لتوجهات واضحة على تعميق اوضاع سلبية وتكريسها فى التعامل بين مؤسسات الدولة والمواطنين.
المشكلة الحقيقية فى التعامل مع الظواهر الدولية ودائمًا ما أطلق عليها ظواهر كونها مرتبطة بمصالح سياسية محددة وستزول هذه الظواهر فور زوال المصالح السياسية والدول الكبرى تعلم هذا جيدا وهو ما يفسر دعمها ومساندتها لتلك المنظمات والحفاظ على العلاقات المتينة والقوية مع الدولة فى ذات الوقت.
بمعنى آخر كيف نتعامل مع هذه الظواهر، البيانات الصادرة عن هذه الجماعات تخلو تماما من القواعد والعايير المهنية الحقوقية المستقرة دوليا وهى تستخدم خطابا سياسيا يقينيا منحازا ولا تستخدم الخطاب الحقوقى المحايد الظنى وهى لا تتعامل بالأدوات المستقرة فى عمليات البحث والتقصى والرصد والتوثيق وإنما بالوقائع المطلقة القائمة على التعميم والاتهام والإدانة دون أدلة واضحة ومحددة.
كل ما سبق معروف وسيستمر وستتعامل الدول الكبرى معنا وفقا للتقارير الصادرة عن هذه الجماعات السياسية المنحازة التى تحدد مواقفها وتسوق بياناتها وفقا لمصالح جماعات التمويل وليس وفقا للقواعد الحقوقية لذلك لن يجدى أبدا أن نستمر على أساليبنا فى تفنيد خطاب هؤلاء بذات الأساليب وتكرارها كلما أصدرت هذه الجماعات بيانا أو تقريرا وخلافه.
أتذكر مراجعتى لجملة من التقارير والبيانات الصادرة عن جماعة اسمها التنسيقية المصرية للحقوق والحريات واستندت لها هيومان رايتس ووتش فى تقريرها عن مصر ودون الخوض فى تفاصيل تبين أن هذه الجماعة لا وجود لها فى مصر ولا مقر ولا تتبع أساليب التقصى والرصد والتوثيق لأنها غير موجودة أصلا وأنها مجرد شكل وهمى أسسته جماعة الإخوان الإرهابية تقوم بنشر التقارير التى تصدرها الجماعة ولكن تحت مسميات وتوصيفات حقوقية تستند إليها جماعات مصرية ودولية فى تكرار الاتهامات الكاذبة ذاتها.
نحن فى أشد الاحتياج للتعامل بأدوات وأساليب مختلفة مع المجتمع الدولى لتعيد لمصر مكانتها الحقيقية وتجعل من تقاريرها السنوية مرجعية أساسية لتأكيد تحسن سجل حقوق الإنسان والالتزام بالتوصيات الدولية فى هذا الصدد.