
حازم منير
مستقبل الصحافة والإعلام
اليوم أو ربما غدًا على أكثر تقدير سيطرح البرلمان قانون تنظيم الصحافة والإعلام للمداولة النهائية وإصدار قراره بشأنه بعد توصيات مجلس الدولة والحوار الذى تم بين وفد مجلس نقابة الصحفيين ورئيس لجنة الثقافة والإعلام بالبرلمان الكاتب الصحفى أسامة هيكل، والمفترض أيضا أن يسدل البرلمان الستار على الملف وفقًا للتطورات الأخيرة ذات المظهر الإيجابى.
أولًا: استجابت اللجنة البرلمانية المختصة إلى توصيات مجلس الدولة التى أعرب فيها عن خشيته من وجود شبهات عوار دستورى وتأثير على حريات التعبير وقيود على العمل المهنى وجوانب أخرى، وتُمثل الاستجابة البرلمانية تطورًا إيجابيًا مهمًا يؤكد الحرص من جانب على احترام مسئولية مجلس الدولة ومن جانب آخر على التزام اللجنة والبرلمان بجماية الدستور والحقوق والحريات الصحفية.
ثانيا :أنه وعلى الرغم من خلو تقرير مجلس الدولة من أى ملاحظات تتعلق بالمادة 29 محور الخلاف إلا أن المناقشات والتواصل الذى تم خلال الأيام الأخيرة انتهى إلى توافق على المادة 29 التى تمثل جوهر الخلاف بين الأطراف المعنية، بحيث وصلت الحوارات إلى نقطة متقدمة اعتقادى أنها قد تؤدى للالتزام بالنص الوارد بالدستور فى المادة 71 وهى المادة التى تمثل حقيقة وجوهر المشكلة كون استحالة تجاوزها أو النص فى القانون على صياغة مخالفة لها والذى سيمثل فى هذا الحال عوارًا دستوريًا.
نحن إذن فى مواجهة نتائج للتحركات التى جرت فى الآونة الأخيرة، وهى نتائج تمثل تطورًا إيجابيًا يعكس الالتزام بالمسئوليات المحددة للسلطات المختلفة، ويؤشر على أهمية الحوار بين الأطراف المعنية، والتزام البرلمان بالقواعد والأعراف الخاصة بالحوار والتفاهم لتحقيق التوافق.
ورغم كل ذلك لا أعتقد أن الأمر سيمر هكذا، بل فى تقديرى أننا سنتابع عملًا منظمًا ممنهجًا مقصودًا لتوسيع حالة الخلاف رغم كل ما تم، كون أننا فى الحقيقة لا نشاهد خلافًا قانونًيا على تشريع أو تباين فى الآراء والمواقف حول الحقوق المهنية.
الحقيقة أننا أمام نزاع حزبى بالدرجة الأولي، وأنا أقصد نزاعًا حزبيًا وليس سياسيًا، فالقانون يتنازعه جماعات حزبية معروفة بمواقفها المناهضة للدولة وهى لا تقبل إلا بمراكمة الأزمات والسعى الدائم إلى تشويه الأوضاع القائمة لتحقيق أهدافها التنظيمية ولا تقبل أبدا أى تشريع يستهدف محاصرة حالة الفوضى والانتهاكات الدائمة للقانون والنظام العام والحض على العنف والتحريض على مخالفة القانون ومخالفة مبادئ الاخلاق العامة التى تحظر الإساءة الشخصية أوانتهاك حرمات الحياة الخاصة.
الكتلة الأغلب وهى الغائبة عن التحركات والصراعات الحزبية التى دارت مؤخرا وهى كتلة النقابيين الباحثين عن تشريع يعيد للمهنة نفوذها ودورها المجتمعى ويضع حدودًا للخلط بين المهنة وبين الأدوار الحزبية والسياسية، ويوفر ضمانات قانونية عدة لحماية حريات الرأى والتعبير وحماية حقوقهم أثناء ممارسة العمل.
سنظل فى دائرة هذا الصراع الحزبى ليس فقط فى قانون الصحافة والإعلام إنما فى غيره أيضا من التشريعات والقرارات والتوجهات السياسية، ففى الوقت الذى تتيح القوانين للناس حرية التعبير عن الرأى وتوفر الضمانات الكفيلة بتحقيق ذلك، لا يتوقف فريق أنصار الفوضى عن الخلط بين الخلاف السياسى وبين استهداف أضعاف الدولة.