السبت 17 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الأوائل.. والأمل فى المستقبل

الأوائل.. والأمل فى المستقبل






أحضان دافئة.. قبلات حارة.. عيون تتلألأ بالدموع.. شفاه تهمس فرحا.. ابتسامة تبعث السكينة فى القلوب وتنير الوجوه بالأمل.. زغاريد تصدح.. وكؤوس الشربات تطوف بين البيوت.. ما أجملها فرحة وبهجة طلاب الثانوية العامة والأزهرية وأولياء أمورهم.. يجلسون فخورين بتحديهم للصعاب وبما حققوه من إنجاز بهدف الوصول إلى القمة، التى تعد بكل المقاييس مجرد بداية للانطلاق نحو المستقبل.
من جد وجد.. ما أعظم الفرحة التى أسعدت قلوب الفقراء والبسطاء من العمال والفلاحين والموظفين.. الذين ضحوا بكل غال ونفيس حتى تتحقق تلك اللحظة التى كلل الله جهود أبنائهم بالتفوق، وتحقيق آمالهم وطموحاتهم.
تلك اللحظة التى أثبت فيها أوائل الثانوية العامة والأزهرية أن التفوق ليس للأغنياء فقط، الذين يستخدمون أساليب مختلفة ومتعددة لتحقيق أهدافهم.
فمثلما تمكنت مريم «ابنة البواب» العام الماضى فى قهر ظروفها الاجتماعية، وحققت المركز الأول فى الثانوية العامة، كانت هناك نماذج مشرقة ضربت المثل الأعلى فى الاجتهاد لتحقيق أحلامهم، ومن أبرزهم محمد محمود «بائع الأنابيب» والرابع مكرر على الثانوية العامة، الذى توفى والده وعمره لم يتجاوز الرابعة من عمره، ذاق مرارة الحاجة والعوز، فقرر أن يغير خارطة حياته، بالنجاح والتفوق، فكان يدرس فى الثانوية ويبيع أنابيب البوتاجاز على عربة «كارو» داخل القرية والقرى المجاورة حتى يستطيع تدبير مصروفاته الشخصية ونفقات الدروس الخصوصية، ليصبح كفاحه نموذجا يحتذى به لتحقيق حلمه وحلم والدته» بائعة الأنابيب».
ورغم المشاكل الكبيرة التى تعانى منها المدارس الحكومية، إلا أنها تفوقت على مدارس أبناء الأغنياء، التى تلتهم المليارات سنويا من جيوب المصريين، فالمدارس الحكومية كانت الأفضل وحصدت 43 مركزا من أوائل الثانوية، مقابل 5 طلاب فقط للمدارس الخاصة والدولية.
فى أيام المفاجآت، حظيت مدارس المناطق الشعبية بالقاهرة بنصيب الأسد من الأوائل بـ 11 مركزا، وكانت المفاجأة تراجع الدقهلية والمنوفية للمركزين الرابع والخامس، والإسكندرية وأسيوط إلى مراكز متأخرة بطالبين فقط لكل منهما.
وربما كانت المفاجأة المثيرة هذا العام، تفوق البنين على البنات، للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات، وللمرة الأولى فى الثانوية الأزهرية، ويردع ذلك بالتأكيد على إصرار الطلاب على التفوق، وقدرتهم على أداء الامتحان خلال شهر رمضان ودرجات الحرارة المرتفعة، إضافة إلى انشغال الطالبات بمتابعة دراما الشهر الكريم.
ورغم إيماننا العميق بأن العظماء فى تاريخ مصر فى كافة المجالات العلمية والأدبية لم يكونوا من أوائل الثانوية العامة أمثال أحمد زويل ومجدى يعقوب ومصطفى السيد ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم، إلا أن الدولة ومؤسسات المجتمع المدنى مطالبون الآن بدراسة كيفية الاستفادة من أوائل الثانوية العامة.
إذا كانت الدولة لديها إرادة سياسية للاستفادة من تلك الطاقات البشرية، لتحقيق مزيد من النجاحات فى المستقبل، فعليها أن تحدد أطر شاملة للاهتمام بهم وإعداد كوادر شبابية قادرة على خدمة وبناء الوطن فى المستقبل.