الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
سر دموع سوزان طه حسين!

سر دموع سوزان طه حسين!






نادرة جدا أحاديث «د.طه حسين» إلى التليفزيون المصرى، وإن كان أشهرها وأجملها على الإطلاق حديثه مع المذيعة اللامعة السيدة «ليلى رستم» فى برنامجها «نجمك المفضل» إعداد الكاتب الكبير «أنيس منصور» حيث حاور العميد أثنى عشر من رموز الأدب والفكر وقتها ومنهم: نجيب محفوظ وعبدالرحمن الشرقاوى وثروت أباظة وكامل زهيرى وعبدالرحمن بدوى وغيرهم.
وكان للسيدة «سوزان» زوجة عميد الأدب العربى «د.طه حسين» ذكريات طريفة حول هذه اللقاءات التى رصدتها فى مذكراتها الممتعة «معك» وتقول، «لقد قلقت كثيرا ذات مساء حين قبل التحدث فى التليفزيون، والحق أن هذه المقابلة معه قد تمت أثر خروجه من المستشفى تماما! لكنه اكتفى بالاجابة عن بعض الأسئلة!!
ذلك المساء نُصبت فى المكتب أجهزة معقدة، وكنت أخشى المصابيح الضخمة التى ترسل حرارة قوية ومؤلمة لكن الفنيين أقسموا لى أن ذلك لن يدوم أكثر من ساعة!
إلا أنه مضت ساعتان وهو لا يزال يتحدث، فانتهزت فرصة راحة وتوسلت إليه أن يتوقف، لكنه ابتسم لى ابتسامة جذلى وقال لى مرحا: دعينى فأن عمرى ثلاثون عاما!
وبعد دقائق وصلت ممرضة كانت تحضر للعناية به ليلا، وإذا أذهلها ما رأته من أسلاك وإناس يملأون الدهليز تجاسرت فاطلت على المكتب، ونادرا ما رأيت وجها مشدوها على هذا النحو!!
ولم يكن «على أمين» - الكاتب الصحفى - الذى كان يتابع المقابلة على الشاشة الصغيرة أقل منها دهشة وقد عبر عن ذلك فى مقاله ساحرة كتب فيها: «ذلك أنه لم يكن يتحدث فحسب وإنما كان يتابع النضال».
وتكشف السيدة «سوزان طه حسين» عن كواليس لقاء تليفزيونى آخر فتقول:
«فى عام 1966 كان أشد تعبا ومع ذلك لم يخش التليفزيون أن ينظم ندوة بينه وبين اثنى عشر كاتبا وصحفيا وجامعيا، وجرت الندوة فى الصالون الذى كان أكثر اتساعا من المكتب، لقد قلبوه رأسا على عقب تقريبا وبكثير من النشاط، واستغربوا قلقى عندما كانوا يجرون - بلا احترام - «صوانا» قديما كاد أن يتحطم، كما لو كان كرسيا عاديا!! أقول «كرسى» بما أن أحدهم وجد فيه أداة يصعد فوقها لتثبيت ما لا أدرى!
ليس هذا هو المهم على كل حال، فخلال ثلاث ساعات تقريبا أجاب «طه» باسهاب على الأسئلة الكثيرة التى طرحت عليه، عالما تماما بمن يحدثه دون اضطراب من توجيه أسئلة مفاجئة له!!
ولقد عشت ثانية تلك الساعات هذه السنة فى أثناء بث تحقيق تليفزيونى لم نكن نعرف شيئا عن البرنامج ولا عن موعده فلم نره منذ بدايته، كان ذلك بالنسبة لى انفعالا عظيما، فقد كانت عيناى الدامعتان تريانه ثانية فى كرسيه بالقرب من المدفأة، متنبها واثقا من نفسه، دقيقا وفى النهاية عندما وجهت إليه مقدمة البرنامج سؤالا إضافيا قال بهدوء وبمزيد من اللطف: مش كفاية؟!
اضطربت فصوته كان بشكل استثنائى هو «هو».. صوته الذى عرفت وكان هذا الصوت يعيده إلى لثوان عدة ما يلبث بعدها أن يتوقف!!
ومن ذكريات التليفزيون إلى ذكريات الراديو عندما كان د.طه حسين» وزيرا للمعارف قبل ثورة 23 يوليو 1952 فتقول: «كان طه يفكر فى تزويد القرى بجهاز راديو ليستخدمه جميع الناس، لم يكن الفلاحون يريدون ذلك، فقد كانوا يقولون: لا حاجة بنا إلى هذا فعندما نعود من العمل نريد أن نأكل وننام!».
وتقول سوزان معلقة، لقد تغيرت الأمور الآن إلى حد كبير فأجهزة الراديو فى كل مكان وسترتفع احتجاجات لو تقرر إلغاؤها.