الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
العقاد والتليفزيون وأزمة علامة تعجب!

العقاد والتليفزيون وأزمة علامة تعجب!






لا يوجد للكاتب الكبير «عباس محمود العقاد» إلا حديث واحد فقط أجراه للتليفزيون العربى وتقاضى عنه مبلغ مائتى جنيه!
كان البرنامج من إعداد الأستاذ «أنيس منصور» وتقديم المذيعة القديرة000.
عن كواليس هذا الحوار اليتيم يقول أنيس منصور «فى مقاله «رجل عظيم من أسوان» والمقصود بالطبع هو الأستاذ العقاد: «عندما أعددت حديثًا للعقاد فى التليفزيون دفع له التليفزيون مائتى جنيه، ونشرت «الأخبار» أن الأستاذ «العقاد» قد تقاضى مبلغ 200 جنيه عن حديثه فى التليفزيون»!
وغضب العقاد جدًا، وطلبنى فى اليوم التالى وهو يقول:
ـ وهل كثيرهذا المبلغ على رجل مثلى أمضى من عمره ستين عامًا فى القراءة والكتابة؟! هل كثير على العقاد فى بلد كهذا أن يتقاضى هذا الأجر مرة فى عمره إن أحقر راقصة تتقاضى هذا المبلغ فى هزة أو هزتين!
فقلت له فى دهشة: ولكن أحدا يا أستاذ لم يقل شيئًا من ذلك، لا أحد، بل إن الناس جميعًا أسعدهم أن يسمعوك وأن يروك!
قال العقاد: يا سيدى إن الفلوس لا تهم العقاد، ولم تشغل العقاد؟!
ـ ولكن من الذى قال ذلك؟!
رد العقاد: اقرأ جريدة الأخبار يا مولانا، إنها نشرت الخبر ووضعت الخبر وفى نهايته علامة تعجب! علامة تعجب من ماذا؟! بل إن هذا هو الشيء الذى يدعو إلى العجب!
ويعترف أنيس منصور «قائلاً: وتعبت فى إقناع «العقاد» أننا نسرف فى وضع علامات التعجب بلا مناسبة حتى لم تعد هذه العلامات إلا عادة أو بديلا عن النقطة الواحدة فى نهاية الكلام!».
وحكاية أخرى عن العقاد والتليفزيون أيضًا وكان وقتها يمر بأزمة صحية كبيرة، وحسب رواية أنيس منصور «الذى يقول:
«ذهبت إلى الدكتور عبدالقادر حاتم وزير الثقافة والإرشاد وهو رجل لطيف رقيق مجامل وسألنى: طبعا كنت عند الأستاذ  «العقاد» كيف حاله الآن؟ وفى نيتى أن أزوره عندما تتحسن صحته وقد علم الرئيس «عبدالناصر» بمرضه وسألنى عنه أكثر من مرة كيف حاله الآن؟!
قلت: مريض يا دكتور وكان من رأيه أن يفسر القرآن الكريم جديدًا وأن نسجل له ذلك، وطلب أن نختار البداية التى تعجبنا فاقترحنا عليه أن يبدأ تفسير القرآن من سورة الرحمن ثم سورة «هود».. و..و
قال د. حاتم: فكرة عظيمة جدًا وأنا موافق فورًا
قلت ولكن حالته الصحية لا تسمح الآن تمامًا كحالته المالية!
قال د.حاتم: إذن ندفع له مقدمًا وهذا سهل!
وذهبت إلى الأستاذ «حسن حلمى» مدير التليفزيون ونقلت إليه موافقة د.عبدالقادر حاتم وانتقلت الكاميرات إلى بيت الأستاذ، ودخلت إلى غرفته، ولم أكن أعرف ما الذى سوف يفعله المخرج، لقد كان لابد من إدخال المصابيح القوية وتعديل أوضاع المقاعد والأحذية وفتح النوافذ وأن يغير الأستاذ ملابسه فهى لا تبدو واضحة إذا ما قورنت بألوان الجدران الباهتة!
ورفض الأستاذ أن يتعرض لهذه الإضاءة القوية والحرارة المرتفعة، وفّضل أن يكون حديثه إذاعيًا وانسحبت الكاميرات ولم يقل الأستاذ شيئًا وشعرنا بخيبة أمل!»
انتهت الحكاية، وما أكبر الخسارة التى خسرناها بعدم وجود حوارات تليفزيونية لنجوم الفكر والأدب والسياسة فى مصر سواء عن قصد أو غير قصد!