الخميس 17 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
حوار مع رشدى أباظة

حوار مع رشدى أباظة






يقولون آفة قريتنا «النسيان» وأقول آفة قريتنا الآن «التعميم»، فما أسهل إطلاق الاتهامات وتوزيعها على الجميع من دون تفرقة أو تحديد. أن تهاجم الجميع وتطلق السهام دون تمييز فأنت الرابح الأول بعد أن أصبت الكل لكنك أيضا الخاسر الأكبر بعد خسارة الكل.
فى الحقيقة أن الكاتب الغامض السيد رشدى أباظة نجح فى تحريك مساحة راكدة فى المشهد السياسى جرى إهمالها لسنوات، كما اقتحم مناطق كانت لفترات قريبة شبه مُحرمة، وألقى بضوء كثيف على دوائر المطبلاتية والمهللين فى السياسة والإعلام وغيرها على صفحات جريدة قومية للمرة الأولى منذ حقب وعهود.
أنت لا تملك سوى أن تحترم هذه الجرأة والشجاعة التى لا تخشى خسارة جانب من الأنصار، لكنك أيضا لابد وأن تخشى امتداد آثار التعميم على الجميع فتصيب المخلصين مع المنتفعين، أو تصيب المجتمع كله، فالتعميم فى أحاديث النخبة عند السيد رشدى أباظة كان ملمحا مهما للغاية.
وكما برع الفنان رشدى أباظة فى توجيه لكماته لمنافسيه فى الأفلام، فقد برع قرينه الكاتب رشدى أباظة أيضا فى توجيه اللكمات للمعارضين فى السياسة، لكن الفارق الجوهرى أن لكمات الفنان كانت لشخص محدد، بينما طاشت لكمات الكاتب لتصيب الجميع من دون تمييز.
بؤس النخبة وفشل الأحزاب وانتهازية رموز وقادة سياسيين وحزبيين، ونفعية النشطاء الحقوقيين وخيانتهم للوطن، كانت هى الأسباب – من وجهة نظره – فى انهيار السياسة وكانوا هم – من وجهة نظره – الذين كادوا يتسببون فى انهيار الوطن.
والحقيقة أن المجتمع الحزبى المصرى يعانى أزمات عدة ومشكلات عويصة سواء فى بنيته السياسية أو فى أداء رموزه و قياداته أو انتشاره بين الناخبين و هى ملامح عامة وخبرات وتجارب التعامل مع أغلب هذه الأحزاب سواء المُؤسسة قبل انتفاضة يناير أو بعدها يثير تساؤلات عدة عن مدى التزامها سياسات واضحة لا تعرف الالتواء ولا الغموض فى اللحظات الحاسمة.
وما يقال عن الأحزاب لا يختص بها فقط وإنما ربما هى سمات عامة تمتد بملامحها الأساسية على امتداد مساحة النخبة بكل دوائرها وتصنيفاتها من مثقفين إلى فنانين إلى حقوقيين إلى رياضيين إلى أطباء ومحامين وإعلاميين وصحفيين وغيرهم.
قيمة إثارة هذه الحالة أنها جوهر المشكلة الأساسية التى نعانى منها فى وجهة نظرى وهى تراجع الحياة السياسية للخلف بل غيابها تماما، وعلى الرغم من وجود 18 حزبا ممثلا فى البرلمان، إلا أن ذلك لم يمنع من خلو الساحة لأى تنظيمات وجماعات وقوى قانونية شرعية وهو ما أتاح المجال واسعا للقوى والجماعات غير الشرعية فى الانتشار.
سيسأل البعض ومن المسئول؟ وهل الدولة مسئولة عن إنشاء الأحزاب وتنشيطها؟ وهل الدولة هى التى أضعفت الحياة الحزبية؟ وهل الدولة هى المسئولة عن المواقف المهتزة المضطربة للنخبة عبر سبع سنوات مضت؟ ومن الذى تسبب فى تحويل النخبة إلى جماعات نفعية تبحث عن «السبوبة» وتبيع الوطن كما حدث فى يناير وبعدها فى التحالف مع الإخوان، ثم فى الارتداد بعد ثورة يوينو؟
هى أسئلة شرعية ومشروعة أجاب عنها السيد رشدى أباظة فى بعض مقالاته وتحتاج إلى حوار فى المقالات المقبلة.