
حازم منير
التعميم فى فكر الدولة
طرحت أمس فى مقالى «حوار مع رشدى أباظة» جملة من الأسئلة عن المشهد السياسى المصرى مُنطلقا من جمل وأفكار ورؤى طرحها الكاتب وهى تحدد فى جانب كبير منها رؤية محورية للنخبة المصرية وكيفية التعامل وليس التواصل معها.
وقبل الإجابة عن أسئلة الأمس حول الواقع الحاصل والمسئول عنه وكيفية الخروج منه سوف نتطرق فى الحديث لواحد من أهم الملامح وهو المُتعلق بتعميم الأحكام وإطلاقها على الجميع من دون تمييز فى المواقف وتأثير ذلك على المشهد العام فى البلاد.
الحاصل على الأرض سيادة اتجاه عام فى تصريحات وكتابات وتحليلات لمسئولين ونواب وكتاب بل وفى تشريعات وسياسات أيضًا يُعمم الاتهامات والانتقادات ويُطلقها فى كل اتجاه وهو يُقيم ما جرى فى البلاد خلال السنوات السبع الأخيرة وبدا الأمر وكأننا نعيش فى ظل طوفان هادر يجتاح المجتمع كله فيأتى على كل ما فيه خيره بشره وهو ما بدا بارزا فى جانب من روح ومعانى نصوص فى بعض مقالات السيد أباظة.
أزمات الإعلام مثلا ليست فى بعض الإعلاميين وإنما كلهم على الاطلاق والحديث يقتصر عن الإعلاميين مع تجاهل المُلاك ومسئولياتهم عما جرى.
ما جرى على الإعلام امتد إلى «النخبة» وهو توصيف غريب وفريد لأنه لا يوجد نخبة إنما «نُخب» هاجمناها أيضًا بالتعميم واتهمناها بالفساد والعمالة والخيانة والانتهازية ولم نعرف من المقصود؟ هل كل النخب أم بعضها؟ هل النخب بكل أطيافها وتنوعاتها أم فئات من جماعات النخبة؟ ليس المهم أن نحدد من إنما المهم أن نتهم ونُحمل المسئولية للغير.
الأحزاب ومنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدنى اعتبرناها جميعا سبوبة ودكاكين لتحقيق مصالح شخصية أو لعملاء واتهمناها بالفساد والفشل ولم نهتم بالتفرقة بين حزب وآخر أو سياسى وآخر فوصمنا الحالة الحزبية كلها أمام الرأى العام بسوء السمعة بما فيها مناصرو الثورة وأوقعنا أبلغ الضرر بالديمقراطية وبواحد من أهم أدوات أى دولة فى العالم حتى الفنانين والمثقفين سقطوا فى مستنقع التعميم.
ربما يقول البعض ليس بالطبع المقصود هو الجميع إنما بعضهم وأقول هذا ليس صحيحا إنما هو منهج يقصد الجميع فالفارق بين التخصيص والتعميم جلى وأوضح وإذا كان البعض قد سقط فى مستنقع العمالة والاسترزاق والخيانة فهذا لا يعنى أبدًا اطلاق التوصيف على الجميع لأن ذلك يعنى فى المقابل أن البعض سقط أيضًا فى مستنقع التعميم.
كيف انعكس التعميم على واقعنا؟ الإجابة بسيطة. خسائر فادحة أن ينقطع الحبل السُرى بين الدولة ومكوناتها حين تقرر التعامل مع الجميع على قدم المساواة فى الاتهامات.
وغدا حديث آخر.