سينما وفنون الطفل (1)
لكل حدث حديث، والحدث هو إعادة تشكيل اللجنة العليا للمهرجانات وبدء أعمالها، وترأست أول جلسة الفنانة الدكتورة إيناس عبد الدائم وزير الثقافة التى أكدت على دعم المهرجانات القائمة بالفعل و دعم رؤى وأفكار الشباب.
وقفز إلى رأسي عودة مهرجان سينما وفنون الطفل ثانية بصور محترمة و مبدعة ومشرفة لمصر، وأعتقد أن الأمر قد حان لعودته، وأرى أن ذلك أمر ضروري لأسباب منها؛ أننا أمام مهرجان دولى كبير، استمر لأكثر من عشرين دورة لكنه توقف عام 2016، فقد كانت آخر دوراته عام 2015 برئاسة الدكتور محمد عفيفي. والثاني أن المهرجان يتبع المركز القومى لثقافة الطفل التابع للمجلس الأعلى للثقافة وعلى المجلس أن يستعيد مهرجانه الدولى الكبير الوحيد من نوعه فى مصر والعالم العربي والذى يسوق بالطبع لسمعة مصر وحضارتها ويصب فى الصورة الذهنية لخدمة هذا البلد لأصحاب هذا الفن الراقى، فهو مهرجان على ما أعتقد من أقدم مهرجانات سينما و فنون الطفل فى العالم .
والغريب أن أسباب توقف مهرجان سينما الطفل تتلخص فى سؤال مهم، وإن كان محيرا طرحه بعد ما يزيد عن عشرين دورة للمهرجان،كيف يتم عمل مهرجان لسينما وفنون الطفل و نحن فى مصر لا ننتج سينما وفنون للطفل؟
و الإجابة تتلخص فى أن كثيرا من المهرجانات لا علاقة لها بالإنتاج، والمهرجانات لا تقام من أجل إنتاج الدولة أو القطاع الحكومى فى أية دولة و لكنها تقام لتقييم تجربة أو ظاهرة أو فرع فنى محليا أو إقليميا أو عربيا،سواء أنتجته الدولة أم غيرها.
وأعتقد أن السؤال قد توقف عند إنتاج الدولة لسينما و فنون الطفل فقط، ولو فكرنا قليلا سنجد أن بعض شركات الإنتاج قد قدمت دراما الطفل خلال تلك الفترة، فلو بحثنا سنجد عشرات الساعات من دراما الطفل قد أنتجت بشركة صوت القاهرة التابعة لاتحاد الإذاعة و التليفزيون وهو قطاع حكومي و بعض الأعمال المتميزة من شركات إنتاج القطاع الخاص بمصر.
والسؤال كيف نتكاتف جميعا من أجل إنتاج سينما حقيقية للطفل المصرى والعربى، وما دور وزارة الثقافة و الهيئة الوطنية للإعلام وأقصد اتحاد الإذاعة والتليفزيون؟
وأقترح أن يبدأ العمل من خلال منحة تفرغ موجهة طبقا للائحة التفرغ بإعلان عن منحة لكتابة ثلاثة سيناريوهات لسينما الطفل، أو مسابقة لاختيار ثلاثة سيناريوهات ممتازة لبدء تنفيذها من خلال ثلاث جهات المركز القومى لثقافة الطفل وصندوق التنمية الثقافية والهيئة العامة لقصور الثقافة، وأن يتم ذلك بالتعاون مع اتحاد الإذاعة والتليفزيون كشريك أساسى سوف يستفيد من إنتاج تلك الأفلام بعرضها على قنواته وتسويقها حسب نسبته فى الشراكة، ونكون بذلك أنتجنا أفلاما للطفل على مستوى عال وبتكاتف عدد من الجهات المعنية.
إن العمل لإنتاج أفلام ودراما للطفل بات شيئا غاية فى الأهمية، فالطفل الآن لا يفكر إلا بالصورة أكثر من تفكيره بالعبارات، ترى ما هى الصور التي تشغل بال الطفل المصرى ؟ وهل قدمنا له الصور التى يحتاجها؛ بمفهومها الثابت وهى القصص المصورة (Stripes) الموجودة بكثافة فى مجالات الأطفال كافة، والصورة المتحركة، وأقصد بها ثلاثة فنون؛ السينما والفيديو والمسرح، وأخص بالذكر هنا السينما التي تستحوذ على عقول الأطفال فى كل مكان من العالم ولا يجد إنتاجها فى عالمنا العربي أى نصيب أو حتى قدر معقول، ورغم هذه الحقيقة التي شغلت العالم واستعد لها منذ عقود طويلة وقدم لأبنائه ما يجب أن يقدم إلا أننا حتى تلك اللحظة بعيدين عن ركب الصورة السينمائية للطفل رغم عدد من المحاولات التى بدأت فى مصر والعراق وفلسطين و سوريا فى الستينيات وبعدها، والسؤال الذي يراود كل محب للطفل، لماذا لم تجد محاولات إنتاج سينما الطفل النجاح المنشود رغم النوايا الطيبة من الحكومات وقتها، وما هى الحلول لنجد سينما مصرية متميزة للطفل؟.