الجمعة 23 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
كاريكاتير «روزاليوسف»  والتحقيق مع زكى طليمات

كاريكاتير «روزاليوسف» والتحقيق مع زكى طليمات






عاد الفنان «زكى طليمات» من بعثته الفنية فى باريس ليجد أن وزير المعارف «حلمى عيسى باشا» قد أغلق معهد التمثيل بالضبة والمفتاح باسم المحافظة على التقاليد، ومن هنا أطلق عليه الأستاذ «محمد التابعى» لقب وزير التقاليد!
ويروى «زكى طليمات» فى كتابه «وجوه وذكريات» قائلا: «لم أقابل الوزير الذى ألغى المعهد، ورضيت أن أنقل سكرتيرًا لدار الأوبرا لأتولى جرد أحذية وفساتين وكراسى المسرح ولأعمل على ابتكار علاج يقضى على الفئران والعتة التى تعيث فسادًا بهذه الدار!
وكان أمرًا طبيعيًا أن أتداواى من ألمى وخيبة آمالى بأن أهاجم «حلمى عيسى» محاولا أن أشد كل شعرة فى رأسه فشرعت قلمى فى مختلف الصحف أهاجمه، ولكن لم أجرؤ يومًا أن أوقع ما أكتبه بامضائى إبقاء على عيشى فى الحكومة!
وفى مجلة «روزاليوسف» وكنت أشترك فى تحريرها بحكم فراغى من العمل الذى كان يستغرق نشاطى - دأبت على السخرية من الوزير الذى أغلق مدرسة لفن جميل باسم التقاليد، ولم تتحرك عليه هذه التقاليد عند استقدام الفرق الأوروبية إلى دار الأوبرا لتغنى وترقص وتكشف عن سيقان التقى والورع!
ودخلت فى دور جديد لم أعرفه طيلة حياتى الحكومية فكلما ظهر مقال أو صورة كاريكاتورية تعرض بالوزير فى المجلة المذكورة، استدعيت من جانب الوزارة لأمثل أمام المحققين الإداريين فيها! والتهمة! موظف حكومى يهاجم وزيرة على صفحات الجرائد.. ويجرى سين وجيم بينى وبينهم ولكننى كنت أفلت دائما من بين أيديهم!
بعد ذلك يحكى «زكى طليمات» قصة أول مقابلة له مع وزير المعارف وما جرى فيها فيقول:
«تلقيت ذات يوم إخطارًا بمقابلة الوزير.. فلم أعجب لأن المجلة المذكورة «روزاليوسف» نشرت قبل يومين صورة كاريكاتورية تمثل الوزير وقد أطلت من كل جيب فى ملابسه راقصة أطلت برأسها وساقيها!
ولا أعرف لماذا ذكرتنى جلسة الوزير متحفزًا على مكتبه فى صمت رهيب وأمامه مدير إدارة التحقيقات وقد جلس بدوره ودفن رأسه بين الملفات، ذكرتنى بأننى أمام محكمة من محاكم التفتيش بإسبانيا!
أدرت كل هذه الخواطر برأسى فارتسمت على وجهى ابتسامة خفيفة لاحظها الوزير من خلف نظارته السميكة فصاح بى أن أجلس..
ورفع مدير التحقيقات رأسه فإذا بالابتسامة على فمى تتسع وكدت أغرق فى الضحك لأن وجهه كان على هيئة غير مألوفة ذكرتنى برأس فأر هزيل القوام! وقبل أن أتبين تفاصيل هذه الهيئة العجيبة مد الوزير يده بالمجلة التى تحمل الصورة المذكورة.
مش عيب وأنت موظف تعمل لوزيرك صورة بالشكل ده؟!
رد زكى طليمات: طبعا عيب وقلة حيا كمان!َ
واقتحم الحديث مدير التحقيقات بصوت تشوبه خناقة خفيفة: يعنى بتعترف؟! ورد زكى طليمات: كل الاعتراف!
وظهرت على وجه المحقق علامات الارتياح، وكأنه وضع يده على المجرم الأثيم، ونظرت إلى الوزير فرأيت لمحة من الإشفاق ترسم على وجهه وإذا هو يقول بصوت يخالطه شىء من الأسف: وليه علمت كده؟!
وتساءل زكى طليمات: مين هو إللى عمل؟!
قال الوزير: إنت!! ورد «زكى طليمات»: اعترافى بسخافة العمل ليس معناه أننى أتيته!
وعز على المحقق أننى أفلت من يده - ولا أعرف لماذا كان يقفز جسمه ويهتز كلما وجه السؤال إلىّ فقال:
- إنت معروف باتصالك بالمجلة دى؟! ورد «زكى»: ولو؟!
وقال المحقق: ومعلوم إنك ثائر علشان أغلقوا المعهد!
رد زكى: ثائر أيوة.. ولكن برضه ولو..!
وللحكاية بقية!