محمد عبدالوهاب ممثلا إذاعيا!

أظنك تعرف كل شىء عن موسيقار الأجيال الفنان «محمد عبدالوهاب» ملحنا ومطربا وبطلا لعدد من الأفلام السينمائية مثل «يحيا الحب» و«الوردة البيضاء» و«دموع الحب» و«يوم سعيد» و«ممنوع الحب» و«لست ملاكا»!
وربما لا تعرف أن «عبدالوهاب» قام ببطولة مسلسل إذاعى على مدى ثلاثين حلقة طوال شهر رمضان من عام 1966 وهو مسلسل «شىء من العذاب» الذى شاركته البطولة لأول مرة الفنانة «نيللى».
المسلسل أقام الدنيا وأقعدها مديحا وهجوما!!
حكاية المسلسل وكواليسه روتها الدكتورة «رتيبة الحفنى» فى كتابها «محمد عبدالوهاب حياته وفنه الذى صدر عام 1991 وفيه تقول:
اشترك عبدالوهاب فى مسلسل واحد فى الإذاعة المصرية وعن هذا المسلسل روت المذيعة والصديقة «آمال فهمى» قالت: كنت مديرة لإذاعة الشرق الأوسط واتصلت بعبدالوهاب تليفونيا وسألته بلا مقدمات: هل توافق على أن تقوم بالتمثيل فى مسلسل رمضان؟!
وتصورت أنه سوف يرد علىّ قائلا: لا!! ولكنه أجابنى ببساطة نعم أوافق!!
وسألنى عن المسلسل الذى أريده أن يلعب بطولته؟
وأجبته: لا أدرى حتى الآن!!
ودهش عبدالوهاب وقال: إيه الكلام ده يا آمال أنا كت فاكرك مجهزة كل حاجة!!
وقلت له: كان لابد أن أستشيرك فى البداية!
وكنت أعرف أنه صديق حميم للكاتب الساخر الكبير أحمد رجب فاتصلت به وطلبت منه كتابة مسلسل إذاعى لعبدالوهاب!!
وبدأنا - عبدالوهاب وأحمد رجب وأنا - نجتمع من أجل المسلسل وكان عبدالوهاب يشترك مع أحمد رجب فى تأليف الحوار الجميل، وكان أحمد رجب لا تفوته جملة من التى ينطقها عبدالوهاب خاصة فى جوابات الحب.
ومازلت أذكر أننا عندما بدأنا التفكير فى اختيار البطلة سألت عبدالوهاب هل تريد فاتن حمامة أم ماجدة أم ليلى رستم وكانت إجابته مفاجأة فقد قال: أريد ممثلة لم يسبق لها التمثيل فى الإذاعة على الإطلاق ووقع الاختيار على «نيللى» وكان المسلسل شىء من العذاب الذى لم ولن يتكرر لأن عبدالوهاب قد غنى فيه بصوته تمثيلا مدة ثلاثين حلقة!!
والمسلسل أثار ضجة كبيرة!!
الأغرب أنه بعد عدة سنوات تحولت نفس الرواية «شىء من العذاب» إلى فيلم سينمائى بطولة يحيى شاهين وسعاد حسنى وحسن يوسف وإخراج العبقرى صلاح أبوسيف ومازال يعرض حتى الآن!!
لقد حرصت السيدة رتيبة الحفنى فى كتابها الممتع أن تسجل رأى الأستاذ أحمد رجب فى عبدالوهاب فقال: عبدالوهاب يتعامل دائما مع أذنيه إنها أذن 6 على 6 حادة جدا، مرهفة جدا لها قدرة عجيبة على تذوق الكلمة الحلوة ذات الإيقاع ولها قدرة أعجب على اكتشاف النشاذ إذا افتقرت الكلمة إلى الإيقاع والنغم.. فعبدالوهاب إذا سمع كلمة حلوة همس قائلا: يا حياتى أنا وإذا سمع كلمة جافة قال إخص!!
وعبدالوهاب يتعامل مع الناس بأذنه فالعبارات الموسيقية تستهويه وتشده وكلما لجأت الى استعمال العبارات الموسيقية فى مناقشة بينك وبينه بدأ يميل إلى الاقتناع، وإذا استعملت كل قواعد المنطق فى إقناعه مع عبارات الطرب استمر يطقطق بأسنانه دون أى استعداد للاقتناع، وأذن عبدالوهاب هى سر ثقافته فهو يعتبر «شوقى - أمير الشعراء» أعظم كتاب مسموع قرأه فى حياته»..
رحم الله الجميع رحلوا وبقيت أعمالهم خالدة حتى الآن..