
احمد رفعت
كيف يتغير العالم بالشراكة المصرية - الروسية؟!
سياسى راحل كان قياديا بأحد الأحزاب قال لى ذات يوم إن الزعيم اليوغسلافى التاريخى «تيتو» قال وفيما يبدو أمام سياسيين مصريين أن الاتحاد السوفيتى سقط عندما ترك مصر تتعرض لما تعرضت له فى 67 وأن النكسة طالته أيضا!
تحليل تيتو تم قبل انهيار وتفكك الاتحاد السوفيتى والذى ورثته روسيا.. ولا معنى لكلام تيتو إلا أن الأمر لا يتعلق فقط بسمعة السلاح السوفيتى وإنما أن مصير الدول الكبرى يتحدد هنا فى الشرق الأوسط!
انطلاقا من ذلك وبالسير فى الاتجاه العكسى يمكننا القول ـ وقد ثبتت صحة مقولة تيتوـ إن عودة روسيا لمكانتها السابقة وانتقالها من دولة كبرى إلى دولة عظمى يبدأ من هنا.. من مصر..زعيمة العالم العربى.. وبوابة إفريقيا..واحدة من ثلاث دول تأسست بجهودها حركة عدم الانحياز.. والدولة التى انهارت على أرضها عدة امبرطوريات لن يكون آخرها الإمبراطورية التى كانت لا تغيب عنها الشمس والتى سقطت وباعترافات بريطانية خالصة فى حرب السويس عام !
روسيا تدرك ذلك.. وبدأت مع مصر بما انتهينا إليه فى أكتوبر المجيد عام 73 وتعاقدت مع مصر على ثلاثة أنواع من الأسلحة يحتاج غيرنا إلى مفاوضات شاقة للحصول عليها فضلا عن جهد حقيقى لتتحول صفقة الميسترال من روسيا إلى مصر وقطعة بحرية هدية فى افتتاح قناة السويس فضلا عن عقد أسطورى بمحطة الضبعة وبتسهيلات عادت بها روسيا إلى اتفاقيات الستينيات التجارية مع مصر حيث التسهيلات هائلة والفائدة أقل والعائد كبير والسداد يتم من عائد المشروعات ذاتها!
والسؤال: هذه المعاملة الروسية التفضيلية لمصر هل تتم لأسباب خيرية غير موضوعية؟ ومن بلد تحول من بلد شيوعى إلى بلد تحكمه قوانين السوق ولم يعد يعرف إلا لغة المصالح المشتركة؟ والإجابة المنطقية هى إدراك روسيا أن بداية العودة كقوة عظمى ستكون من هنا كما كانت أولى خطوات الانهيار من هنا أيضا!
قادة روسيا يدركون التعامل مع دولة ذات مصداقية لها تأثير كبير فى محيطها حتى لو كانت تعانى اقتصاديا أفضل بكثير من التعامل مع دول تملك اقتصادا قويا لكنها تفتقر لأى تأثير وأى مصداقية!
ما سبق ليس هو المشكلة.. إنما المشكلة فى وجود دول وأطراف أخرى تعرف ذلك جيدا وستسعى لإفشال التعاون والشراكة بأى طريقة.. نجحت فى ذلك للأسف فى أزمة الطائرة الروسية التى سقطت فوق سيناء ووظفت الحادث سلبيا.. لكنها لن تنجح اليوم أمام إصرار على التحالف الاستراتيجى من دولتين حولا التعاون ـ ردا على ذلك ـ إلى شراكة كاملة!