الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أحمد بهاء الدين والمذيعة أم باروكة!

أحمد بهاء الدين والمذيعة أم باروكة!






الذوق العام «واحد من أهم وأخطر الموضوعات التى  ناقشها وكتب فيها وعنها الأستاذ الكبير «أحمد بهاء الدين»، وطالب فى سلسلة مقالات بالأهرام أواخر عام 1974 بشن حملة من أجل  الذوق العام، وقال: «الحديث عن الذوق العام ليس ترفًا إنه يحدد نوع الحياة التى نحبها، الذوق العام هو النظافة وهو النظام وهو الإتقان وهو الاقتصاد والتوفير وهو الإنفاق حيث يجب الإنفاق وعدم الإنفاق حين يعد هذا تبذيرًا».
ويتناول الأستاذ «أحمد بهاء الدين» مهمة الإذاعة والتليفزيون فى قضية «الذوق العام» فيكتب:
الإذاعة والتليفزيون من أكبر الأجهزة تأثيرًا على الذوق العام، الإذاعة فى سعة انتشارها والتليفزيون فى عمق تأثيره!
ولست أقصد إطلاقًا الوعظ والإرشاد، وإن كان هناك مجال واسع حتى لقضايا التوجيه والتأثير إذا شرحت بأسلوب يلائم البرنامج الإذاعى أو الصورة التليفزيونية ولكننى مع ذلك أقصد شيئًا آخر.
إن أجهزة الإعلام بالغة التأثير حقًا خصوصًا فى مجتمع فى حالة انتقال مثل مجتمعنا، وأقصد فى حالة انتقال من حيث القيم والعادات والتقاليد وأساليب السلوك، فالمجتمع فى هذه الحالة الانتقالية سهل التأثير وسريع التقليد سواء كان التقليد الضار أو المفيد حسب ما تراه من أخبار العالم وسلوك الآخرين!
ولو أننا راجعنا كل برامج الإذاعة والتليفزيون وراعينا أن يكون كل ما يقدمه من صور سمعية وبصرية مؤثرًا فى الذوق العام التأثير المطلوب: التأثير بما هو أرقى وأقيم، لو أضفنا هذه النظرة إلى سائر الاعتبارات التى تراعى عند تقديم البرنامج، فسوف نجد مجالًا واسعًا إلى غير حد لإلقاء وتثبيت وتعميق المعانى التى نرى أنها تتلاءم مع نوع الذوق العام الذى نريد أن نوجده.
ولست أعنى الصحافة بالطبع فى هذا المجال، إنها مع سائر وسائل الإعلام المدرسة الأخرى لما يمكن أن نسميه بالتثقيف العام، أى كل تثقيف خارج عن مقرر الدراسة لمن هو فى مدرسة والمصدر الوحيد لثقافة من ليس فى مدرسة والأمثلة كثيرة!!
ثم ينتقل الأستاذ «بهاء» إلى مناقشة شكل المذيعة وكان ذلك عام 1976 -  أى منذ 42 سنة - ولم يكن الحابل قد اختلط بالنابل فى زمن الفضائيات الخاصة، وكل العجب الذى نراه فى أشكال وملابس المذيعات - وأنت تعرف وأنا أعرف ماذا أقصد بالضبط!! المهم يقول الأستاذ.. «بهاء».
لنأخذ مثلًا المذيعة ذات الباروكة الطويلة المعقدة مثل برج بيزا المائل، «إنه فضلا عن أن هذا الشىء - تليفزيونيا- مرفوض فهو يؤثر على الذوق العام، أنه يوحى لكل فتاة - وكل فتى - أن هذا طراز المظهر الحديث، إنه يوحى بالتكلف الشديد والمبالغة فى التزين اللذين ليسا من الذوق السليم إذا أردنا أن نفهم روح العصر وآلاف وآلاف يقلدون هذا المثل!
ولقد رأيت التليفزيون فى شتى بلاد الأرض، ولم أر مذيعة تحمل فوق رأسها هذا الجبل من التعقيد، أنها تبدو بتسريحة أنيقة نعم ولكن بسيطة، وبثوب أنيق فعلًا ولكن بسيط، تليفزيونيًا هذا مطلوب لأن أساس المذيعة أو المذيع الناجح هو إيجاد الألفة بينه وبين المشاهدين والمشاهدات، وتحاشى أى شىء يبعد المسافة أو يقيم حاجزًا من التكلف بينهما.
وفى مجال الذوق العام فهذه الباروكة التى اخترناها مثلًا جريمة كبرى فى حق الذوق العام، تشقى فى تقليدها البنات والنساء، لأن البسطاء يظنون أن هذه هى الموضة! أو هى العصرية، أو هى الانتماء إلى الجديد السائد أو هى اللحاق بآخر صيحة وهى ليست شيئًا من هذا كله! فالمرأة فى الخارج قد تتكلف هذا التكلف فى مناسبة واحدة فى السنة ولكن ليس بمثل هذا تخرج إلى الشارع وتذهب إلى عملها وتقوم بواجباتها الاجتماعية.
وفى تليفزيونات الدينا لا تترك حتى هذه الأمور لرغبة أو مزاج كل مذيعة أو مذيع، إنها محل توجيه بناء على قرارات الخبراء فى فن الإعلام الذى هو فن الاقتراب من قلب المتلقى من أقصر سبيل وأبسط سبيل!
ولا يزال عند الأستاذ «بهاء» رؤية مهمة فى وظيفة ودور التليفزيون فى حياتنا».