الخميس 17 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
السجون فى مصر

السجون فى مصر






قبل 37 عاما وتحديدا يوم 8 أكتوبر 1981 دخللت معتقلا فى ليمان طرة عنبر 2 زنزانة 6، وأثناء دخولى السجن استلمت بطانية فقط لا غير كانت بمثابة لى السرير والغطاء فى آن، وكنا كمعتقلين فى أزمة غير مسبوقة فى تاريخ مصر نعيش وسط ظروف شاقة وأوضاع معيشية بائسة ليس بسبب اغتيال رئيس الجمهورية آنذاك وإنما كانت تعبيرا عن حالة السجون فى مصر بشكل عام.
ومنذ يومين تلقيت دعوة لزيارة منطقة سجون طرة فى سياق المنتدى الثانى للسجون المصرية وحالت ظروف صحية لتلبية الدعوة لكنى كنت قد استجبت لدعوة مماثلة قبل عام تجولت خلالها فى سجون المنطقة وخصوصا «اللومان» بالعامية الشعبية وشهدت كيف تحولت وتبدلت الأمور.
بالقطع سيبادر البعض بالقول «وانت مش عاوز الدنيا تتغير بعد 37 سنة»، وهو سؤال مشروع، لكن الحقيقة ليست المسألة فى التغير المكانى أو فى إدخال إصلاحات على المبانى وخلافه، وإنما هى الاختلاف فى ثقافة التعامل مع السجن ومفهومه وحقوق المسجون التى كانت منكرة تماما.
فى التسعينات ومع الموجة المتصاعدة لحقوق الإنسان كنا ننتقد أوضاع السجون وإهمال حقوق السجين، وكان أبسط رد وهل للمجرم حقوق، الآن أصبح للإرهابى حقوق تتعلق بإقامته فى السجن وسط ضمانات لحماية حياته لحين انتهاء التحقيقات والمحاكمات القضائية حتى آخر درجة فى السلم القضائى.
الجديد فى دور العقاب أنها لم تعد للعقاب وإنما لإعادة التأهيل بجد، لقد شهدت فى جمصة التأهيل المهنى للمساجين واكتساب خبرات ومهارات تتيح لهم التوافق مع المجتمع والانخراط فى سوق العمل بعد انتهاء مدة العقوبة، وشهدت مراكز طبية وأجهزة خدمات طبية وأطباء بدرجات لا تقل عن مثيلاتها خارج السجن.
شهدت فى طرة عنابر مجهزة زنازينها بأسرة «سراير» ومراتب وبطاطين، وملحق بكل زنزانة مكان مجهز للاستحمام وآخر دورات مياه، وأماكن آدمية محترمة لاستقبال أسر المحبوسين غير أماكن أخرى مجهزة للاستذكار والامتحانات، بالقطع إلى جانب ورش النجارة والحدادة ومهن عدة، والملاعب الرياضية وقاعات لمكتبات ولتلقى الدروس الدينية لكل ديانة على حدة.
الآن تشهد السجون إضافات جديدة وأماكن احتجاز خاصة بالحالات المرضية والمعاقين وكبار السن، ويمكن القول إن أوضاع السجون الآن تقترب جدا من المعايير الدولية لحقوق السجناء، وتمثل تطورا مهما فى إظهار التزام مصر بتنفيذ التزاماتها الدولية حسب الاتفاقات الموقعة عليها فى هذا الصدد ومنها التفتيش القضائى المفاجئ أو الجولات الميدانية للمؤسسات المعنية مثل البرلمان أو المجلس القومى لحقوق الإنسان .
أول من أمس قال مساعد وزير الداخلية لقطاع السجون إنه خلال الفترة من سبتمبر 2014 إلى أكتوبر 2018 تم الإفراج عما يقرب من 117 ألف نزيل من الغارمين والغارمات والمفرج عنهم بالعفو أو بالإفراج الشرطى، وهو رقم ضخم يؤشر لمفهوم الدولة عن العقوبة وما يجب اتباعه وفقا للمفاهيم والاحتياجات الإنسانية قبل العقابية.
يتبقى جملة واحدة.. السجن هو السجن، ومهما كانت التحديثات والتطورات يظل سجنا تقيد فيه حريتك وتُفرض عليك قيودا تحد من حقوقك المطلقة فى الحياة العامة، لكن المهم هو أن نتفهم جيدا معنى احترام آدمية البشر ونحترم حقوقهم حتى لو كانوا تحت العقاب، فالإنسان لا يولد مجرما .