الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
السيدة «روزاليوسف» شجاعة ألف رجل!

السيدة «روزاليوسف» شجاعة ألف رجل!






ما أكثر الحكايات الممتعة التى رواها وكتبها الأستاذ الكبير «مصطفى أمين» عن السيدة «روزاليوسف» والفترة التى قضاها فى مجلتها صحفيًا شابًا عدة سنوات!
فى أحد هذه المقالات «امرأة من أشجع الرجال» كتب: كانت السيدة “روزاليوسف” من أشجع الرجال الذين قابلتهم فى حياتى، كانت امرأة جريئة لا تخاف، إذا أقدمت لا تتراجع وإذا هاجمت لا تعتذر، وإذا وقعت على الأرض رفضت أن تسلم سلاحها!
وعندما أصدرت مجلتها فى عام 1925 لم تتصور أنها ستكون من أهم المجلات السياسية العربية، قالت لى مرة وهى تضحك إنها أصدرت المجلة وهى لا تريد إلا أن تهاجم “يوسف وهبى” صاحب الفرقة التى كانت هى ممثلتها الأولى!
وأصرت أن تسمى مجلتها «روزاليوسف» واعترض جميع أصدقائها على هذه التسمية، وقالوا لها: إنه لم يحدث أن أحدًا أطلق اسمه على مجلة يملكها! فقالت لهم: إن الصحفى المشهور «سليم سركيس» أصدر مجلة وسماها «مجلة سركيس» وأصبحت أكثر مجلة شهرية انتشارًا فى مصر أثناء الحرب العالمية الأولى!
وخضع أصدقاؤها أمام إصرارها واشترك فى تحرير العدد الأول كل الكّتاب المعجبين بالممثلة الأولى «روزاليوسف» وهم: «عباس محمود العقاد» و«إبراهيم عبدالقادرالمازنى» و«إبراهيم رمزى» و«محمد لطفى جمعة» و«محمد التابعى» و«أحمد رامى»؛ ولكن الجماهير التى كانت تلهب أكفها تصفيقًا لـ “روزاليوسف” وهى تمثل على مسرح رمسيس دور «مرجريت جوتيه» فى غادة الكاميليا، أدارت ظهرها لـ “روزاليوسف” المجلة! ولم يعجبها الشعر والأدب وهبط التوزيع إلى خمسمائة نسخة أسبوعيًا منها 150 نسخة اشتراكات!
وصمدت “روزاليوسف” وقاومت ومعها «محمد التابعى» إلى أن جعلت مجلتها أشهر مجلة سياسية فى الشرق الأوسط وأكبر توزيعًا بعد ذلك بثلاث سنوات فقط!
وقد عملت مع «روزاليوسف» وكانت تحمل ميزانية المجلة فى حقيبتها وتدفع الرواتب من كيس نقودها!
رأيتها وهى تقاوم الحكومات وتصمد أمام التهديد والوعيد وتتحدى مصادرة الأعداد وتهزأ بالانذارات اليومية حتى تفلس فلا تركع، وكانت الضربات تنهال على رأسها فتزداد ثباتًا، وهى ماضية فى خطتها السياسية ورأيتها وهى تواجه المحاكم، فلا تتصور أن امرأة صغيرة بهذا الحجم تستطيع فى الأحداث الهائلة أن تكبر وتكبر حتى تصبح أضخم من الأحداث، كان فى داخل هذه المرأة ألف رجل، ومع ذلك كانت امرأة ساحرة جميلة كلها أنوثة وكلها جاذبية وكلها حنان.
ويروى «مصطفى أمين» هذه الواقعة المهمة:
«حدث فى تلك الأيام أن نشرت مجلة «روزاليوسف» صورة للملكة «نازلى» ووجهها مكشوف وقامت قيامة الملك «فؤاد» وطلب من «توفيق نسيم» باشا رئيس الديوان الملكى أن يطلب من «عبدالخالق ثروت باشا» رئيس الوزراء اغلاق مجلة “روزاليوسف” بتهمة العيب فى الذات الملكية!
وحقق مدير المطبوعات مع السيدة «روزاليوسف» فقالت: إن الصورة منقولة عن جريدة فرنسية وزعت فى مصر!
واكتفى مدير المطبوعات بتوجيه توبيخ شديد اللهجة إلى السيدة «روزاليوسف»!
وفجأة قررت أن تصدر جريدة يومية وكانت هذه مغامرتها الكبرى، وعبثًا حاول أصدقاؤها إقناعها بأن اصدار جريدة يومية عمل هائل لا يستطيع أن يقوم به فرد وأصدرت جريدة «روزاليوسف» ونجحت نجاحًا رائعا وهددت جريدة الأهرام وجريدة الجهاد الواسعة الانتشار، وأصبح الدكتور «محمود عزمى» رئيس تحريرها، وعباس محمود العقاد كاتبها الأول، وقام خلاف بينها وبين الوفد، ورفضت أن تنزل عن حريتها فى نقد الحكومة واجتمع الوفد وقرر التبرؤ من جريدة «روزاليوسف»، وجاءت المظاهرات الحاشدة إلى دار الجريدة تهتف بسقوطها فخرجت إليهم وحدها واندفعت تهتف بسقوط النحاس! وتلقت اللعنات والشتائم فصمدت لها وأبت أن تتراجع أو تخضع أو تركع أمام غضب الجماهير».
هذه قصة امراة كانت لها شجاعة ألف رجل.