السبت 17 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
شفرة والى..  فى عاصفة البطاطس

شفرة والى.. فى عاصفة البطاطس






من المفاجآت المثيرة للدهشة، أن الملايين من عشاق البطاطس، تحسنت حالتهم المزاجية، واستعادوا توازنهم وهدوءهم النفسى، بعدما كشرت الدولة عن أنيابها فى مواجهة حيتان التجار المتلاعبين بقوت الشعب، أملا  فى إخماد عاصفة الأسعار التى هبت على الخضروات والفاكهة.
ما حدث فى الساعات القليلة الماضية، أثبت بالدليل القاطع حقيقة ما جاء فى دراسة علمية حديثة أن البطاطس لها مفعول السحر على كيمياء الدماغ، وأنها مصدر البهجة والسعادة، فرائحتها دائما ما تذكر عشاقها بالمواقف والأوقات السعيدة، وينتظرها الكبار قبل الصغار.
المستعمرون الأوروبيون أول من تناولوا البطاطس التى زرعها الهنود فى أمريكا الجنوبية، لتصبح بعد ذلك معشوقة الفقراء والأغنياء على حد سواء، ولكن فى مثل هذا التوقيت من كل عام احترف مافيا التجار «العكننة» على الملايين من عشاق البطاطس، بتخزين آلاف الأطنان فى الثلاجات بهدف تعطيش السوق، لتحقيق أرباح طائلة، بعد ارتفاع أسعارها لتقترب من الدولار فى السوق السوداء.
الحكومة كعادتها سريعة النسيان، ولم تستوعب دروس الأعوام الماضية، باعتبارها « أزمة وهتعدى» مع بداية العروة الجديدة فى شهرى ديسمبر ويناير،  كل وزارة «عايشة» فى جزيرة منعزلة، لا يوجد تنسيق، ولم نعد نسمع عن لجان إدارة الأزمات، وكأن حيتان سوق الغذاء مش معروفين، أو أن نهاية عروة البطاطس جاءت فجأة فى شهرى أكتوبر ونوفمبر.
كعادتها.. جاءت المبادرة من الأجهزة الرقابية، باقتحام ثلاجات أباطرة البطاطس، رغم أن موظفى تلك الوزارات لديهم حق الضبطية القضائية، وإعادة طرح آلاف الأطنان من البطاطس بالميادين العامة وفى منافذ وزارتى التموين والزراعة  بأسعار مخفضة، لتعيد الانضباط والاستقرار للأسواق.
«تمخض الجبل فولد...».. مثل شعبى ينطبق على لجان وزارة الزراعة التى تم تشكيلها لبحث أزمة البطاطس، حيث اكتشفت فجأة أن فك شفرة نقص المعروض من البطاطس فى يد يوسف والى وزير الزراعة الأسبق.
لجان الزراعة  بحثت فى دفاترها القديمة، ورجعت بآلة الزمن 27 سنة، فوجدت أن حل اللغز يكمن فى ضرورة تفعيل القرار الوزارى الذى أصدره يوسف والى وزير الزراعة الأسبق بتاريخ 28 مايو 1991، والذى حظر تخزين البطاطس بالثلاجات بعد 20 أكتوبر من كل عام، ماعدا الكميات المخصصة للتقاوى المعتمدة من وزارة الزراعة، وفى حال مخالفة القرار، يتم بيع مخزون الثلاجات دون اعتراض بمعرفة لجنة من الزراعة والمحليات.
منح القرار أيضا  مأمورى الضبط القضائى، حق دخول الثلاجات وتفتيشها وضبط الكميات المخالفة بعد 20 أكتوبر، واتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين.
لم يعد مقبولا فى ظل دولة 30 يونيو، أن يتحكم فى سوق الغذاء عدد من  التجار معدومى الضمير، يعبثون بأمن واستقرار الوطن، وافتعال الأزمات الغذائية التى بدأت بأزمة السكر، ثم الزيت، والأرز واللحوم وأخيرا البطاطس، بهدف جنى الأرباح الحرام، .. ننتظر أن يكون هؤلاء الحيتان عبرة لمن لا يعتبر.