الجمعة 18 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الأسعار وحقوق المستهلكين

الأسعار وحقوق المستهلكين






ستظل مشكلة الأسعار قائمة دون حل ما دامت اقتصرت الحلول على توفير بدائل لطرح أسعار أقل وعدم تبنى تدابير واجراءات دائمة تضمن تحقيق توازن واستقرار فى حركة أسعار السلع فى الاسواق وتوفير وسائل متعددة ومتنوعة للرقابة .
سياسة المنافذ البديلة فكرة جيدة وهى من اساسيات المنافسة بالاسواق لكنها فى الوقت ذاته تفرض ضغوطا على موازنة الدولة وتستنزف جانبا من فائض مطلوب توجيهه فى أغراض أخرى، وهى فى الوقت ذاته لا تمثل عبئا أو مخاطر على التجار الفاسدين ولا المحتكرين .
الخشية فى استنزاف قدرات الدولة بما يجعلها خاضعة هى الاخرى لمبدأ توازن التكلفة مع السعر وتضطر لرفع الاسعار قليلا ورويدا رويدا لتحقيق التوازن بدلا من الخسارة وبذلك فإن وسيلة المنافسة مع المحتكرين تفقد أهم اهدافها ولا تحقق المطلوب بالعكس تؤدى الى نتائج سلبية.
واحدة من أسباب ضعف الرقابة على الاسعار حالة العشوائية التى نعيش فى ظلها، وانتشار اسواق غريبة مثل عربات الكارو والتريسكلات المتجولة او الباعة الجائلين بـ «مشنات» يجلسون على الارصفة يعرضون السلع بأسعار متفاوتة ومختلفة، او من خلال أسواق عشوائية تقوم على تجمع عدد من الباعة الجائلين فى منطقة يختارونها للتعامل مع المستهليكن مباشرة .
الأسواق العشوائية ظاهرة خطيرة لانها منتشرة بطول البلاد وعرضها سواء فى عواصم المحافظات أو المدن والمراكز، وهى تتسبب فى عشوائية الاسعار وهروبها من أى أشكال رقابية ولا تستطيع الحكومة ان تفرض عليها اشكالا رقابية أو حتى متابعة لجودة ما تبيعه من سلع.
أشاهد باعة جائلين فى أسواق مختلفة بأحياء عدة يتجمع حولهم الناس بكثافة ويقبلون على شراء ما يبيعونه من سلع وتكتشف انها على درجة من الرداءة لا يمكن تخيلها وتستطيع ان تُطلق عليها درجة رابعة وخامسة فى الجودة لكن الناس يشترونها كونها ارخص ويمثل سعرها فارقا مهما.
لا أقلل ابدا من الجهود الحكومية المبذولة لمواجهة ارتفاعات الاسعار ولا أقلل من قدرتها على عامل الفارق او توفير بدائل للناس، لكن الاهم هو حال الاستقرار فى السياسات وتحولها الى واقع دائم وليس مؤقتا مرتبطا بتوافر عناصر لوغابت لتركت اثارها السلبية.
ظنى أن وجود برنامج شامل متعدد النواحى للتعامل مع الاسعار يعتمد على عناصر مختلفة سيسهم بدرجة كبيرة فى مواجهة الظاهرة التى لم تنجح الحكومات حتى الان فى وضع حد لها او السيطرة عليها بشكل دائم او حتى ولو مؤقت.
تقديرى اننا نحتاج الى سياسات جديدة للاسواق تقضى على العشوائيات القائمة وتؤسس لاسواق رسمية ودائمة تخضع للقانون ولأدوات حكومية رقابية وسياسات للمراجعة وقيادات للتفاوض والتحاور معها من اجل التوافق على سياسات سعرية محددة وواضحة.
واعتقادى أن إهمال العنصر الشعبى يقلل من فاعلية تلك السياسات البديلة، خصوصا جماعات حماية المستهلك وهى أوسع فى مفهومها بكثير من الادارة الحكومية القائمة تحت مسمى هيئة اسمها حماية المستهلك، ومن دون المشاركة الشعبية ورقابتها ودورها فى توعية المجتمع ستظل الجهود الحكومية متراجعة لانها خاسرة لأهم جانب من جوانب التعامل مع الأسعار وهى جماعات الضغط الشعبية.
هو مثلث يتكون من حكومة ومن تجار ومن مستهلكين، لو غاب طرف منهم سيتحمل بمفرده الخسارة مهما كانت الجهود المبذولة.