الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«روزاليوسف» نزوة عمرها 93 عامًا!

«روزاليوسف» نزوة عمرها 93 عامًا!






حرصت السيدة «روزاليوسف» على أن يصدر العدد الأول من مجلتها وهو يضم مقالات كبار الأدباء والصحفيين وكان على رأسهم الأديب الكبير «إبراهيم عبدالقادر المازنى» وقد ذهبت إليه وطاردته أكثر من عشرين مرة حتى رضخ وكتب مقالا غريبًا فى مضمونه حيث يهاجم اشتغال «روزاليوسف» بالصحافة وإصدار مجلة!
وبينما توقع الجميع أن ترفض نشر المقال، قررت نشره بل والرد عليه أيضًا فى نفس العدد الأول من المجلة!
وبعنوان «روزاليوسف» كتب «المازنى» يقول: «روزاليوسف» - كما يعرف القراء- اسم سيدة أحالته صاحبته - كما يرون الآن - اسمًا لمجلة ورمزًا لمعنى تحاول أداءه وعنوانًا لسعى تعالج أعباءه، وأنها لنقلة عسيرة، وأحر بمن يعرف «روزا الممثلة» النابغة أن يتعذر عليه أن يجرد اسمها من الحواشى المادية وألا يقرنه فى ذهنه إلا بالمعانى، بل أحر به أن يسأل نفسه: أيهما خير للفن: أن تبقى روزا ممثلة أو أن تستحيل مجلة وتنقلب كاتبة؟!
ويتساءل «المازنى»: «أيهما أفضل وأجدى فى النهاية على الفن والجماهير أن يشتغل بالتمثيل من استعد له وقدر عليه، وخبرة به ومواهب تكفل له النجاح فيه أو أن يزاول مزاولة نظرية بالقلم على الورق ويزج بنفسه فى مجال الكاتب. ولا أعنى بالقلم على الورق تأليف الروايات ووضع القصص أو ترجمتها، وإنما أعنى نشر الدعوة إلى الفن وشرح أصوله والنقد المسرحى وما إلى ذلك مما يتصل به»!
ويمضى «المازنى» على هذا النحو إلى أن يقول بصراحة متسائلا:
إذن لماذا تعالج السيدة «روز» فنًا غير الذى خلقت له وهيأت له فطرتها أسباب النجاح فيه؟! لا أدرى فلعلها نزوة وعسى أن تكون قد جاشت نفسها باحساسات قوية غامضة - كما يحدث لنا جميعا- فاندفعت تبغى الإفضاء بها والكشف عنها والترفيه عن نفسها عن طريق ذلك! أو لعلها ملت أن تظل عمرها تحيا على خشبة المسرح غير حياتها وتلبى خلاف عواطفها وخوالجها وأدائها، وتجرى بلسانها بما يوضع عليه فاشتاقت من أجل ذلك أن تنضو كل هذه الثياب المستعارة وأن تبدو لنا كما هى على الحقيقة لا على المجاز!
ولعلك لو سألتها فى ذلك لما درت كيف تقول فى تعليل هذا الذى أقدمت عليه وشرعت فيه! وأين ذاك الذى يحسن أن يدير عينيه فى نفسه حتى ليقف على أخفى البواعث على ما يأتى وما ينذر لا أحد فيما أظن!
ويختتم «المازنى» مقاله بكلمات مهمة قائلا: «وأحسب أن من قلة الذوق أن تكون هذه كلمتى إليها فى أول عدد من مجلتها ولكن عذرى أننى أشد إعجابًا بفنها وأعظم ضنًا بمواهبها من أن تطاوعنى نفسى على تشجيعها على مهاجرة المسرح والانصراف إلى الكتابة، وفى مرجونا ألا تعدم وسيلة للتوفيق بين رغبتها هذه وحق الفن عليها هناك.. إذن على المسرح مجالك يا سيدتى فارجعى إليه، واذا أبيت إلا المجلة فلتكن سلوى لا شغلانة!».
انتهى مقال «المازنى» وردت عليه السيدة روزاليوسف بقولها:
«للأستاذ «المازنى» شكرى الخالص على ما أبداه من عناية لى فى مقاله الظريف الذى صدرت به صحيفتى، وأننى لطاردة عنه ما يوجس خيفة منه فأصرح له بأننى ما فكرت يومًا فى أن أهجر التمثيل، وإذا كنت اليوم بعيدة عنه فلأن جوه هذا العام محمل بأنفاس ثقيلة ولكن للباطل جولة وللمرض شدة وللعاصفة عنف ثم يأتى الحق ويشرق السلام!
وأؤكد للأستاذ العزيز أنه لا صلة بين تركى المسرح الذى كنت أشتغل فيه وإصدارى هذه الصحيفة، فإن فكرة إخراج هذه الصحيفة اختمرت فى رأسى منذ أمد بعيد ويعلم الاختصاصى إننى بدأت مباشرة إعدادها قبل أن اعتزم ترك ذاك المسرح!
ولكن الأستاذ لا يريد إلا أن يسميها نزوة، لتكن كذلك!
إن كل عمل مجيد يكون فى أوله نزوة طارئة ثم يستحيل إلى الفكرة فاذا رسخت أصبحت يقينا مجنونا».
ولم تقتنع السيدة «روزاليوسف» بنصيحة الاستاذ «المازنى» لتستمر نزوتها حتى تبلغ 93 عامًا بالتمام والكمال منذ صدرت فى 26 اكتوبر سنة 1925 وحتى الآن!