
حازم منير
بطاقات التموين
غدا تنتهى مهلة تصحيح بيانات بطاقات التموين لتبدأ بعدها استبعاد البطاقات ذات البيانات الخاطئة من الخدمة وحرمان أصحابها من الحصول على الخبز والسلع المدعومة والذى يُنتظر ألا يقل عددهم عن مليونين من المواطنين وربما أكثر وهو رقم ضخم لا يمكن الاستهانة به والتعامل معه باستخفاف أوعدم اكتراث.
الواقع يقول :إن وزارة التموين بذلت جهدا غير عادى خلال الأشهر الماضية لتصويب قاعدة بيانات المستفدين من برنامج الدعم السلعى، واتخذت سلسلة من الإجراءات المُعلن عنها بشكل دائم ومتواصل لتنبيه المُدرجين فى البرنامج على تصحيح بياناتهم بالإضافة للمواليد الجدد أو بالاستبعاد والحذف للمسافرين والمتوفين.
لكن الواقع أيضا يقول :إن نظامنا الإدارى بـ«عافية» شويتين، ومهما سجلنا تقدما فى الاستخدام التكنولوجى تظل هناك مساحات كفيلة بإثارة مشكلات وثغرات إدارية تمثل أزمات جادة خصوصا فى ملف يتعلق بالفقر وتلبية الاحتياجات والرعاية الاجتماعية لغير القادرين.
أتوقع أن تتلقى وزارة التموين فى الأيام المقبلة شكاوى واعتراضات واحتجاجات، وأن تواجه مشكلات حقيقية مع عدد ليس باليسير من المستبعدين المحتجين على استبعادهم رغم أحقيتهم فى الحصول على السلع التموينية وخضوعهم لبرنامج البطاقات التموينية.
هذا التوقع يستند على ضخامة عدد البطاقات التموينية والتى يستقيد منها نحو77 مليون مواطن ما بين سلع مدعومة وخبز مدعوم، كما يستند على خبرات فى التعامل مع الجهازى الإدارى للدولة خصوصا الموظفين الصغار ومشكلات البيروقراطية المصرية، والأهم من كل ذلك الثقافة المصرية فى التعامل مع التكنولوجيا الحديثة والكمبيوتر.
أهمية الأمر تنبع من نوعية الخدمة المطلوب تطويرها، وتنبع أيضا من أهمية تصحيح المسار وتوجيه الدعم لمستحقيه وهو الشعار الذى نكرره منذ عشرات السنوات ولم تتمكن حكومة واحدة من تحقيق خطوة متقدمة على الأرض فى اتجاه الهدف، والنتيجة تزايد مستمر ومُذهل فى أعداد المستفدين غير المستحقين واستنزاف حقيقى لموارد الدولة مع استمرار معاناة الطبقات الأكثر فقرا والأقل قدرة على تلبية احتياجاتها اليومية الطبيعية.
أعداد المستبعدين ستكون بالملايين، كما أن أعداد المضافين ستكون أيضا بالملايين، ومع ضخامة العدد فى قضية تتعلق بحياة الناس اليومية وقدراتهم الشرائية لمتطلباتهم المعيشية فإن الأمر يحتاج للمزيد من التأنى والهدوء وعدم التسرع فى اتخاذ إجراءات صارمة وحادة.
صحيح أن الوزارة بذلت مجهودات عظيمة، وأن الوزير د.على المصيلحى طرح سياسات هادئة ومتدرجة ولم يتعجل فى الإجراءات حرصا على الناس ومصالحهم وحقوقهم، لكن ذلك لا يعنى إغلاق الباب أم مرحلة زمنية إضافية لضمان العدالة الكاملة.
اقتراحى لمعالى الوزير أن المرحلة المقبلة ستشهد إعلام المستبعدين من خلال توقف بطاقاتهم عن العمل، بالنسبة للمتوفين أو المسافرين لا مشكلة، أما بالنسبة لمن يستحق وربما تسببت أخطاء هنا أو مشكلات هناك فى حدوث الخطأ فالأمر يستوجب إتاحة الفرصة لهؤلاء سواء للتظلم أو الشكوى والتأكد والتيقن من سلامة الإجراء أو وقوع أخطاء إدارية أو فنية تستوجب التصحيح.
لا أعتقد أن ثلاثة أسابيع مثلا فترة للتظلمات والشكوى طويلة طالما أنها ستضمن لنا التطبيق الصحيح، وستمنح الناس فرصة للتأكد الكامل من صحة الأوضاع الجديدة، وأكرر أن ملف بطاقات التموين والخبز المدعم يختلف عن غيره تماما ويحتاج للتمهل والتأنى والصبر.