الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
روزاليوسف وشقة أمير الشعراء!

روزاليوسف وشقة أمير الشعراء!






كان أمير الشعراء «أحمد شوقى» شاهدًا على ميلاد مجلة «روزاليوسف» منذ صدورها فى 26 أكتوبر سنة 1925 حيث كانت السيدة روزاليوسف تستأجر شقة فى عمارته التى يملكها فى ذلك الوقت! وخصصت روزاليوسف غرفة من شقتها لتكون مقرًا للمجلة والمحررين.
كانت الشقة والغرفة فى الطابق الرابع ويجب أن تصعد نحو خمسة وتسعين درجة على قدميك حتى تصل إلى الشقة وتقول «روزاليوسف»: «كان المحررون المساكين يصعدون إلى الإدارة على آخر نفس ويظل كل منهم نحو بضع دقائق يجفف عرقه ويسترد أنفاسه حتى يتمكن بعد هذه العملية من الكلام فيلقى إلىّ بالتحية! وكان المرحوم «أحمد شوقى» يعدنى من حين لآخر بتركيب مصعد دون جدوى!
وضاق منزلى بكثرة زوار المجلة وكان لا بد من استئجار إدارة تخفف الضغط عن منزلى وترحم المحررون غير المأجورين من صعود الخمس وتسعين «سلمة» بضع مرات فى اليوم الواحد، وقال لى  «شوقى»: إن العمارة المقابلة - وكانت  مملوكة له أيضًا - قد خلا فيها «بدروم» يهبط عن الأرض بحوالى عشر درجات عبارة عن حجرتين متداخلتين وعرض علىّ «شوقي» أن أستأجرهما بجنيهين فى الشهر! وقبلت هذا العرض على الفور!!
وكان انتقال الإدارة إلى مقر مستقل حدثًا تاريخيًا فى حياة المجلة فقام «شوقى» بطلاء المكان وتنظيفه على حسابه، ورحت أنا - كربة البيت المدبرة - اشترى له بعض الستائر البسيطة النفقات أحلى بها النوافذ والصور أضعها على الجدران، ونقلت بعض المقاعد الخفيفة وأريكة مريحة من شقتى إلى الإدارة الجديدة!
وأخذنا نبحث عن مكاتب رخيصة الثمن لنشتريها، حتى أرشدنا «إبراهيم خليل» وكان يعمل فى جريدة البلاغ وصهر الصحفى الكبير «عبدالقادر حمزة» إلى مكتبين تريد جريدة البلاغ أن تبيعهما بمبلغ مائة وعشرين قرشًا فاشتريتهما، وكانت هناك مائدة تشبه المكتب فى الإدارة القديمة فأصبح لدينا ثلاثة مكاتب: مكتب لى ومكتب للتابعى ومكتب لإبراهيم خليل يباشر فيه أعمال الميزانية والإدارة!
وميزت «التابعى» بأن اشتريت لمكتبه قطعة من الجوخ الأخضر وضعتها عليه، لكى يتهيأ ما يمكن من جو الفخفخة الذى يحب التابعى أن يكتب فيه! وكنت أذهب لزيارته أحيانًا فى مقر وظيفته بمجلس النواب فأراه جالسًا فى حجرة هائلة واسعة جدًا ويجلس فيها على مكتب ضخم جدًا لا يقل طوله عن ثلاثة أمتار!!
ولم يمض وقت طويل حتى صارت الإدارة «عشًا جميلًا» يرتاده كبار رجال الصحافة والفن والشعر والأدب.
وانتقلت المجلة إلى الإدارة الجديدة وكان باب الدخول ضيقًا خفيضًا فيضطر كل من يدخله إلى الانحناء!! وكان هذا العيب موضع قفش بعض الأدباء وأذكر أن المرحوم «أحمد شوقى بك» كان كلما اجتاز المدخل فاضطر إلى انحناء قامته هتف يقول: الباب ده علمنا التواضع يا ست روزا!!
وكان أخوف ما أخافه وقت أن يحضر الأستاذ «العقاد» لزيارتى فيجد نفسه أمام مشكلة فإما أن يعود أدراجه وإما أن يطوى قامته إلى قمسين ليتسنى له دخول الباب!!
واستقرت المجلة بعض الشىء، أصبحت إدارة لا بأس بها وثبتت فى سوق السياسة قدميها، وقررت أن أعطى نفسى إجازة وأسافر إلى باريس، وكتبت قبل سفرى إلى وزارة الداخلية أقول لها أن «إبراهيم خليل» هو الذى سيقوم برئاسة التحرير نيابة عنى، ذلك أن التابعى «كان لا يزال موظفًا بمجلس النواب»!!
وللحكاية بقية!!