السبت 19 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الآثار المصرية

الآثار المصرية






بينما كانت عمليات الحفر تتم لاستكمال تفاصيل الوصول إلى مقبرة فرعونية جديدة فى سقارة، اكتشف القائمون على الحفر فجأة وجود مقبرة أخرى بجوارها بدت شواهدها فى الظهور ما استدعى إقرار عملية بحث وتنقيب جديدة على تلك المقبرة غير المتوقعة.
المفاجأة هى كلمة السر فى اكتشاف آثارنا المدفونة تحت الأرض، والمفاجأة هنا ليست كلمة سيئة السمعة، وإنما هى مؤشر مهم على دلالات ومعان عديدة تتعلق بمدى انتشار الآثار فى مساحات ضخمة من الوطن.
مصر دولة تاريخ وهى من أقدم الدول فى العالم وربما هى الأولى التى خضعت لنظام إدارى، وهى دولة قامت على مساحة كبيرة من الأرض، وتعود إلى أربعة آلاف عام من الحضارة البشرية قبل الميلاد وتعاقبت عليها حضارات متعددة ومتنوعة من الشرق والغرب والشمال والجنوب، لذلك كان طبيعيا ان تحظى بآثار متنوعة.
دولة بحجم مصر فى الآثار يصعب جدا أن تتبنى اساليب للبحث والتنقيب لا تقوم على المفاجأة، فبسبب هذا العمق وهذا الانتشار والامتداد الزمنى والجغرافى أنت تستطيع أن تجد آثارا فى أى مكان تقوم فيه بأعمال الحفر والتنقيب.
أتذكر واقعة فى محافظة الجيزة على النيل فى جنوب المحافظة حين قارب عمال البناء على الانتهاء من تشييد برج سكنى، وفى أعمال التشطيبات الأرضية الأخيرة الخاصة بالمرافق كانت المفاجأة حين عثروا على شواهد آثار، فتوقف البناء وبدأت أعمال حفر وتنقيب ليكتشف الاثاريون وجود مدينة بأكملها تحت الأرض.
ولا أعتقد ان هناك بلدا آخر فى العالم تنتشر فيها عمليات البحث عن الآثار داخل البيوت والمنازل الأهلية فى محافظات بجنوب وشمال البلاد بلا فارق مثل ما يحدث فى مصر، حيث أصبحت عمليات التنقيب داخل البيوت أشبه بمهنة منظمة لها خبرائها وقواعدها.
ومصر من الدول التى تهتم بها مافيا وعصابات تهريب الآثار فى العالم، كونها واحدا من اهم المصادر لتجارة الآثار، وهو ما يفسر عمليات التهريب الكثيرة التى نتابعها كما تفسر ظاهرة انتشار آثار مصرية فى العديد من متاحف العالم أو فى صالونات المزادات غير الشرعية فى بلدان مختلفة.
من الظلم أن نتهم القائمين على الأمر بالتراخى والفشل، لأن عمليات التنقيب عن الآثار تتم بصورة غير طبيعية فى مختلف أنحاء البلاد، وكما حصل فى اكتشاف الامس تم العثور بالصدفة على مقبرة جديدة لم يتوقع أحد وهو يخطط للعملية الأصلية أنه سيتم اكتشاف حفرية جديدة غير متوقعة ولا منظورة.
لا يعنى ذلك تجاهل ضرورة وجود نُظم رقابية وإدارية صارمة لحماية آثارنا، ولا يعنى أيضا إنه لا توجد وسائل حماية للاثار ولا وسائل علمية للبحث والتنقيب إنما الأمر يبلغ من الصعوبة مداه نظرا لضخامة مساحة المواقع الممكن العثور على الآثار فيها.
الواقع يقول: إنه توجد لدينا وزارة للاثار لكن على ما يبدو أننا نحتاج إلى تنظيم علمى حديث يستخدم وسائل التكنولوجيا المتقدمة فى رسم خرائط المناطق الأثرية المٌكتشفة وتلك المٌتوقع وجود آثار فيها، ووسائل تأمين علمية حديثة، وأداء مهنى محترف يتجاوز الروح البيروقراطية السائدة فى الهيئات الحكومية المصرية.
آثار مصر يُمكن الاعتماد عليها كمصدر رئيسى للدخل القومى لو تعاملنا معها بروح مختلفة.