
رشدي أباظة
الزيادة السكانية.. التسويق الدينى للتهلكة (3-2)
لم أكن أقصد رجال الدين الإسلامى فقط فى توجيه مقالى أمس عن مسئولية ذيوع ثقافة زيادة النسل فى مصر حتى صارت كارثة قومية.
يدخل فى المسئولية رجال الدين المسيحى أيضا، ورغم أن رجال الدين المسيحى يقولون إن تعاليم المسيحية تشارك فى تحجيم الظاهرة بشريعة ٢٠٠ يوم صوم فى السنة على المسيحيين مما يخول دون تفحل زيادة المواليد!
رجال الدين لم يشاركوا فقط فى زيادة الظاهرة بل شاركوا عمدًا فى إعاقة جهود تحجيم الكارثة فى كل مراحل نموها القاتل.
التبرير الدينى حاضر بقوة فى تفحل الزيادة السكانية . حضور تحريضى مباشر بامتياز . تبرير قائم على توظيف الآيات والأحاديث التى أساء الفقهاء تفسيرها فى غير مرادها الزمانى والمكانى.
إذا توقفنا لبرهة عند بعض هذه التبريرات الدينية فسنجد تناقضا بارزا لأن من يدعو للزيادة لا يتحدث عن كيفية تحويلها إلى ثروة بشرية وليس كارثة قومية.
لو ناقشنا مثلا أبرز الأحاديث التى استخدمها رجال الدين فى شرعنة زيادة المواليد ومنها حديث «تناسلوا تكاثروا فإنى مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة» وفى حديث آخر يصف الرسول كثرة المسلمين بغثاء السيل.
نتوقف عند الملاحظات التالية:
١- تحدث الرسول -صلى الله عليه وسلم- واصفًا حال الأمة الإسلامية فى زمن معين بغثاء السيل قاصدًا كثرة العدد دون فائدة وعلى ذلك فإن من يدعو للتناسل دون الحديث عن دعوة موازية لتأهيل هذا النسل فكأنما يدعو لزيادة السيل غثاء .
٢- المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفِى كل الخير صحة وتعليما ومالا . ولا يتحقق ذلك إلا عندما تملك الدولة إمكانيات مناسبة لإعداد جيل قوى تتوفر له الموارد اللازمة لذلك، وإلا فإن الموارد تتبدد ولا تضمن إلا حد الكفاف فيعم الضعف على الجميع .
٣- «كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة» - البقرة ٢٤٩- وهى آية تحسم الجدل المصطنع بين الكم والكيف.
٤- حفظ النسل من مقاصد الشريعة والحفظ هنا يتحقق بتشريع الإسلام وتقنينه للعلاقات التى سينتج عنها هذا النسل دون أن يكون للعدد هنا أى قيمة فى تحقق هذا المقصد أو عدم تحققه؟
٥- إنى مباه بكم الأمم . المباهاة ستكون بالأعمال وليس بالأعداد!
٦- هل يستطيع بعد ذلك أن يخبرنا هؤلاء عن الحكمة الإلهية التى أرادت أن يقتصر نسل الرسول فقط على السيدة فاطمة!
غدًا نكمل