الجمعة 18 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
فى أزمة «حمو بيكا»

فى أزمة «حمو بيكا»






لو تتذكرون هاج المجتمع المصرى وماج وخاض نقاد وفنانون حربا عنيفة وحملات إعلامية ضخمة فى أوائل السبعينات من القرن الماضى ضد مغنى شاب ناشئ بدء ظهوره فى الأضواء اسمه أحمد عدوية وطالب هؤلاء بمنعه من الغناء ومعاقبة كل من يتيح له فرصة للظهور فى أى وسيلة إعلام رسمية وكانت وقتها الإذاعة والتليفزيون فقط وكان العبد لله من هذا المعسكر الذى حذر من مخاطر هذه النوعية على الثقافة المصرية والإحساس والذوق العام.
بعدها بسنوات طويلة وفى نهاية الثمانينات وتحديدا عام 1988  ظهر مغنى جديد فى مصر اسمه على حميدة بأغنية «كسرت» الدنيا وقتها هى «لولاكى» وحققت مبيعات مذهلة تجاوزت المليون شريط كاسيت وتنبأ النقاد والفنانون والمثقفون بأننا أمام مطرب واعد جديد سيضيف إلى الأغنية المصرية ويرقى لمستوى العظماء من سلاطين الطرب.
فى الحقيقة لا الأول أحمد عدوية هد معبد الفن المصرى وحقق ما خاف منه الناس ولا الثانى حميدة أضاف للأغنية المصرية بل اختفى بعدها ولم نسمع عنه شيئا، عدوية استمر وصعد  ووصفه أسطورة الموسيقى العربية  الفنان محمد عبدالوهاب بأنه «أقوى صوت فى مصر وأحلى صوت شعبى سمعه»، بينما لم تتحقق كل تحليلات وتوقعات النقاد والفنانين بشأن  لولاكى الذى تبين أن ما قدمه حميدة ليس أكثر من ظاهرة لمرة واحدة ولم تتكرر.
الواقع يقول إن هناك بيئة محددة قادرة على استيعاب الظواهر الجديدة سواء كانت سياسية أو فنية أو رياضية وخلافه وهناك محددات لقياس إمكانيات نجاح أو فشل هذه الظاهرة وأن المحدد الرئيس والأكبر للقياس هو استقبال الجمهور للحالة والتفاعل معها والاستمرار فى احتضانها.
الجمهور احتضن أحمد عدوية ورفعه إلى عنان السماء وتجاوزت أغنياته حدود مصر إلى العالم العربى شرقا وغربا هو لم يضف للأغنية المصرية كما فعل مثلا الأسطورة محمد عبدالوهاب أو سلطانة الفن كوكب الشرق أم كلثوم لكنه أيضا لم يدمر قواعدها بالعكس هو أضاء مساحة الأغنية الشعبية بعد سنوات طويلة من الغياب والتراجع.
فى السنوات العشرين الأخيرة انتشرت فى كل قرى وربوع مصر ظاهرة المغنى الشعبى وسادت هذه المواصفات وفرضت نفسها وتواكب معها سيادة نمط شعبى فى السينما المصرية روج خلاله كبار الفنانين لهذا النموذج ونشروا فى أفلامهم الإسفاف الفنى لإعادة توزيع أغانى الكبار بأساليب هابطة فى الأفراح الشعبية ولم تقم الدنيا احتجاجا على الإساءة  للفن والطرب المصرى الأصيل.
لكن كل ذلك لم يفت فى عضد قواعد الأغنية المصرية ولم يؤثر فى قواعدها أو يمنع عمليات تطوير عديدة وسيادتها فى كل الأحوال فوق كل تلك الظواهر أو فى مواجهتها أحيانا وما زالت الأغنية المصرية رغم كل ما تعانيه تسود المنطقة العربية وما زالت مصر قادرة على إنجاب مطربين جدد قادرين على التفاعل مع قواعد الموسيقى العربية وتقديم الجديد.
فى هذا السياق لا أفهم سر هذه الهجمة الأخيرة على «حمو بيكا» الذى لم أسمع عنه ولم أشاهده ولم أستمع إلى أداء لألحان أو لموسيقى معينة إنما علمت عنه وشعرت بأجواء أزمة من الحملات العنيفة فى كل وسائل الإعلام والتهديدات التى أطلقها مسئولون هنا وهناك تحذر من التعامل معه.
أخشى أن هناك أسبابا أخرى وراء الحملة على «حمو بيكا».