
حازم منير
معارك التكفير «التجديد سابقا»
يبدوأن مرحلة المناوشات وجس النبض بين أنصار ومعارضى تجديد الخطاب الدينى قد طالت إلى لحظة بلغت فيها الأمور ذروتها فانطلق الجميع خارج النطاق يصوبون سهامهم تجاه الآخر وإن كانت جبهة المعارضة هى الأكثر ضراوة وشراسة.
خلال اليومين السابقين وعقب الاحتفالية بالمولد النبوى الشريف انطلق معارضو التجديد يتهمون مؤيدى المساواة فى الميراث بين الرجل والمرأة بأنهم منكرون للقرآن وهواتهام خطير لوصح لاستوجب ما لا تحمد عقباه وهوأيضا اتهام يفتح الباب لتداعيات أقلها حملات اتهام تكفير وردة عن صحيح الدين.
البادى من خطورة اتهامات الجبهة المعارضة للتجديد أنها ترغب فى سد الباب مرة واحدة وتمنع نهائيا أية محاولات لأحاديث التجديد باعتبارها كفرا وارتدادا وهوتطور جديد لم نعهده فى العامين الأخيرين اللذين شهدا مناقشات هادئة فى ملف التجديد ولم يرق إلى مستوى الاتهام كما جرى مؤخرا.
خطورة ما يحدث أنه يعود بنا إلى مستوى الاتهام بالكفر وبالتالى يتيح المجال واسعا لأفكار التطرف وربما يدفع بالأمور إلى ممارسة عنف ضد مؤيدى تجديد الخطاب الدينى فنعود مجددا إلى السبعينيات والتسعينيات من القرن الماضى وهى ردة زمنية بجد مزعجة.
والواضح أن معارضى التجديد يمنحون أنفسهم سلطة البت والحسم لما هومن صحيح الدين وما هومخالف له وهم بذلك يمنحون أنفسهم سلطة دينية خطيرة للغاية تُرسخ فى الواقع لسلطة الفتوى بالكفر وهى تُعزز مفهوم الحكم الإلهى «الثيوقراطي» أى من يحكم بتفويض إلهى ويقرر أنه صاحب الحق فى تثبيت أوإنكار ما هوصحيح وماهو« كُفر».
قبل 1300 عام رسخ المسلمون الأوائل مبدأ متقدما وقاعدة شرعية تقول :«إن مرتكب الكبيرة ليس بكافر ولا بمؤمن وإنما فى منزلة بين المنزلتين»، وهى قاعدة تفتح الباب واسعا لإنكار أى محاولة للاتهام بالكفر طالما لم يُعلنها صاحبها وهى قاعدة تؤكد أن مجال الاختلاف والحوار والتشاور والجدل واسعة ولا حدود لها طالما لم تدع إلى الكفر بالله.
إذن ما نسمعه أو نقرأه منسوبا لرموز فى المشيخة يشتركون بالرد أوبالجدل فى قضايا الملف سواء من الجامعة أومن كبار العلماء أمر جد خطير يحمل الكثير من المخاطر ويتجاوز الكثير من حقوق المجتمع ويمثل تهديدا لحرية الرأى والفكر ويفرض مناخا كارثيا على المجتمع كله ويعزز من مناخ الترهيب والتخويف بالاتهام بالتكفير لكل من يسعى للتفكير.
لم أتوقع أبدا أن يتحول الخلاف على ملف تجديد الخطاب الدينى إلى صراع سياسى يُستخدم فيه الدين وسيلة لإرهاب أصحاب الرأى من عينة ماذكره محمد مهنا عضوهيئة كبار العلماء بالأزهر باتهامه للدكتور سعد الهلالى إنكار القرآن والمطالبة بأن يُستتاب الرجل عما قاله.
هذا كلام خطير وهوعودة للدولة الدينية وإذا كان دستورنا ينص على أن الإسلام دين الدولة فهولا يعنى أبدا أن من يخالفك فى رأى أوفتوى يستحق فرض الاستتابة عليه ولا يجب أبدا العودة لمثل هذه الأحاديث تخيلنا أننا انتهينا منها فى 30 يونيوبإسقاط حكم المرشد والاستبداد الدينى.
كل ما قاله سعد الدين الهلالى :إن الميراث مسألة حقوق وليست واجبات مثل الصلاة والصوم وأن مسألة الحقوق يكون للناس الحق فى التعامل بها والفقيه تتغير فتاواه بتطور ثقافته بمرور الوقت الرجل لم يكفر أويُنكر حتى يُستتاب وفقا لمنطق المتطرفين.
معركة التجديد حُبلى بمواجهات تكفيرية آثمة.