
رشدي أباظة
الإسلام دين وليس دولة (5-7) الحسين شهيدًا سياسيًا !
«الدين» حالة إيمانية وأخلاقية ذات بعد غيبى يعبر فى جوهره عن علاقة مغلقة بين الفرد وربه.
«الدولة» مؤسسة سياسية دنيوية معنية بإدارة شئون حياة الأفراد تضبط من خلالها عملية التدافع والدفع والتفاعل والصراع بين مكونات الجماعة.
كما يختلف «الدين» عن «المتدين» يختلف أيضا «النص» عن التطبيق.
لأن فهم الدين (النص) يخضع لقدرات «المتدين» وصفاته وظروفه البشرية من ذكاء وخيال ومصالح وميول وأهواء وإكراهات ومخاوف وتحالف وطموحات. وعليه يبقى المعنى الوحيد للنص ومفهوم تفاصيله لدى «المتدين» هو المعنى البشرى الذى تتحدد معالمه فى لحظة زمنية معينة وفِى إطار ظروف بعينها!
إذا استطعنا اعتماد هذا التعريف النفسى والعقلى فى توضيح الفارق بين «الدين» من جهة و«الدولة» من جهة أخرى فإننا نستطيع القراءة بتجرد كامل لأحداث التاريخ الدموى التى قامت على «المزج» بينهما لتبرير عمليات الصراع السياسى على الدولة وتم تغليفه بأنه صراع دينى.
وإذ نستطيع سحب هذا التعريف على ما حدث ويحدث مع الدين الإسلامى الآن باعتباره صاحب الحالة الأبرز الآن فإن نفس التعريف ينسحب أيضًا على الدين المسيحى من قبل وكذلك الدين اليهودى الذى يؤسس دولة الآن فى إسرائيل بمفهوم «المزج الواضح بين الدولة والدين»!
فى عصور بنى أمية فى الحكم اخترعت وظيفة باسم «القصاص». كانت وظيفتها القص على الناس مكارم وفضائل بنى أمية. كان الهدف منها هو توظيف الإسلام لصالح الدولة الأموية . وظيفة القصاص تلك التى قالت إن معاوية بن أبى سفيان من كتبة الوحى!
من كتبة الوحى المتنزل على رسول الله دون أن ينقل لنا حديثًا واحدًا من أحاديث الرسول ولا ندرى كيف!
هذه «الوظيفة» كانت أحد أسباب تدمير الإسلام بنسب القصص المكذوبة إلى السنة النبوية التى جعلت الطعن فى الإسلام سهلًا ميسورًا!
لنا أن نعلم أن عصر الدولة الأموية هو الذى جمع الأحاديث وقاموا بكتابتها وتوثيقها فخلطوا بين ما كان يقصه «القصاص» وبين صحاح السنة .. لقد أضحت السنة خليطًا بين السنة النبوية ومناقب وفضائل الأمويين!
منذ ذلك الحين والإسلام أضحى رهينة موثقة لصالح «الدولة»!
لم يبعد ذلك كثيرًا عن فهم السبط الشريف الحسين بن على رضى الله عنه عندما اختلط عليه مفهوم المزج بين الدين والدولة «السلطة». ففيما وصلت فكرة الفصل لشقيقه العظيم الحسن بن على رافضًا الخلط بين الدين والسلطة وآثر الدين ونحا به لم تصل إلى الحسين . لذا أضحى الأخير زعيمًا سياسيًا واستشهد زعيمًا سياسيًا ليس إلا!
القول بأن الإسلام «دين ودولة» قول أقرب إلى الشعارات التى لا تستند إلى أساس علمى ولا تقوم على سند تاريخى.
فالإسلام عقيدة وشريعة لم تكن دولة ولم تأمر بذلك وليست الدولة ركنًا فيها أو أساسًا لها.
فالدولة الإسلامية أو بالأحرى نظام الدولة فى الإسلام نظام تاريخي. هو جزء من التاريخ وليس نظامًا عقائديًا بحال. والذى يخلط بين العقيدة والتاريخ يخلط بين الدائم والمتغير ..يمزج بين الصفاء والتعقيد .
العقيدة مثالية صافية . أما التاريخ فهو جماع النشاط البشرى بكل ما فيه من نقائص. ودمج العقيدة فى التاريخ خطأ ما بعده خطأ . وسوء لا يدانيه سوء!
غدًا نكمل