الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
روزاليوسف فى بيت الأمة!

روزاليوسف فى بيت الأمة!






كانت مظاهرات ثورة سنة 1919 هى بداية اهتمام السيدة «روزاليوسف» بالسياسة، وحتى ذلك الوقت لم تكن تفهم كل تفاصيلها، وكل ما كانت تفهمه أن البلد فيه إنجليز يغتصبونه وأن «سعد زغلول» رجل عظيم قام يحرر هذا البلد وأحبت «سعد زغلول» حبًا شديدًا.
وتتذكر «روزاليوسف» نجمة المسرح وقتها تلك الأيام التى سارت فيها على قدميها من ميدان باب الحديد إلى مصر الجديدة لتستمع إلى خطاب يلقيه «سعد» هناك - وكما تقول - ولعل إعجابها بسعد وحرصها على سماعه كلما خطب فى مكان كان له سبب آخر متعلق بالفن، فقد كان «سعد» صاحب أجمل صوت بين أصوات الخطباء، صوت يهدر كالرعد ويعصف كالريح ويهدأ كالموج المتكسر الصغير.. وطريقته فى الإلقاء تعطى الكلمات - نفس الكلمات - رنينًا أخاذًا ومعانى جديدة!
وكان كل الناس مثلها فى هذه المشاعر يحبون سعدًا بلا رهبة ولا خوف ولا نفاق.
واستمر إعجاب «روزاليوسف» بزعيم الأمة وبعد أن أصدرت مجلتها فنية أدبية تضع على غلافها صورًا لمشاهير الفن كسرت هذه القاعدة فى عددها العاشر ونشرت على الغلاف صورة «سعد وحرمه» وكتبت فوقها، «حضرة صاحب الدولة الرئيس الجليل والسيدة المصون حرمه» وتحتها عبارة: «مجدد شباب الأمة فى شبابه ومعه السيدة صفية أم المصريين».
ونجحت «روزاليوسف» فى تحويل روزاليوسف إلى مجلة سياسية وتضيف قائلة: «كان سعد زغلول قد تحول من شخصية ممتازة إلى فكرة ومن فكرة إلى عقيدة وطنية وصارت حركاته وسكناته متصلة بتصرفات الناس، وكانت مجلة «الكشكول» فى عنفوان جبروتها وكان لها سوط سليط تشرعه على كل كبير وكان «سعد زغلول» الهدف الأول والأخير لهجماتها.
وكنت كلما قرأت الكشكول وهو ينال من سعد العظيم أقضى ليلة مزعجة أتمنى أثناءها أن يحولنى الله من امرأة إلى رجل لأذهب إلى الأستاذ «سليمان فوزى» صاحب الكشكول وأضربه علقة وزغدين!
أصبحت «روزاليوسف» مجلة سياسية وخرجت إلى معالجة الشئون السياسية والحزبية فى نطاق أوسع، فازداد دفاعى عن «سعد زغلول» بقوة - وما كان قبل ذلك ضعيفًا - وأخذت أجاهر بمظاهر عظمته وهى مظاهر طالما شغلتنى وكانت تدفعنى إلى مطاردة «سعد زغلول» فى كل حفل يخطب فيه، ولم أعد أخاف أن أصرح برأيى فيمن يحيطون به من رجال الوفد، فانتقدت تصرفات المرحوم «فتح الله بركات - قريب سعد زغلول - وعلى الشمسى» وأخذ الناس يتحدثون عن المجلة!
وشيئًا فشيئًا أخذ ميل المجلة إلى «سعد زغلول» يظهر وهجماتها على الإنجليز وأصدقائهم من المصريين تشتد وبدأ «سعد زغلول» يسأل عن المجلة ويهتم بها ولكننى لم أقابله قط، وبدأ سائر أعضاء الوفد الكبار يقبلون على قراءتها ويترقبون صدورها ولكنهم كانوا إذا دخلوا بيوتهم أخفوها فى جيوبهم حتى لا تقع عليها عيون أهليهم! فقد كان لا يزال غريبًا أن تحمل مجلة سياسية مرموقة اسم سيدة وفنانة.
وفى أحد الأيام حمل إلىّ كبير من المتصلين بالزعيم أن الباشا «سعد زغلول» صرح بأن المجلة دمها خفيف وأن الكلام اللى بتقولوا صحيح!! وهنا تملكنى زهو لم أفق منه إلا بعد أيام قضيتها وأنا لا أكاد أكلم أصدقائى فى التحرير إلا بالإشارة وطالبت الجميع بأن يستبدلوا كلمة «ست» فى مخاطبتى بكلمة أستاذة!».
وعلى عكس موقف «روزاليوسف» من سعد زغلول فقد كان لها موقف مختلف من حرمه فتقول: «إن السيدة أم المصريين كان لها منى موقف آخر، فحين كانت المجلة تصدر فنية أرسلت خطابًا إلى أم المصريين وهدى شعراوى أطلب تأييدهما لى، ولم ترد أم المصريين علىّ، وحز هذا الإهمال فى نفسى، فلما أصبحت المجلة سياسية كانت أم المصريين تنتهز فرصة بعض قضاياى السياسية فترسل إلىّ مشجعة أو مهنئة، ولكنى التزمت الصمت من ناحيتى أيضًا، فلم أذهب إليها ولم أقابلها قط!!
وللحكاية بقية!