الأربعاء 9 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
علاقات فى مهب الريح

علاقات فى مهب الريح






نزعة التملك الطفولية لم تكن سوى مزيج من سوء التربية لفطرة طبيعية تغذت على تربية الأهل الخاطئة لنا فى الصغر، بدءا من نزعة التملك فى الصغر لأشياء بسيطة وتملكنا الخوف الشديد عليها من الفقد، حتى صارت نزعة تملكية للأشخاص! كبرنا وغُرس فينا هذا مع مرور الوقت أكثر بدون وعي، فكان لتربية الأهل الخاطئة دور كبير فى غرس هذا، من أبِ وأمِ ظنا أن هذه السمات الطفولية هى مجرد وقت، والشيء الذى يمسك به الطفل بقوة بكلتا يديه خوفًا من أن يأخذه غيره، ما هو إلا شيء بسيط قد يكون لعبة، وما هذه إلا نزعة طفولية قد تكون من حق طفولته!، فلم يدركوا أنها ليست مشكلة أشياء بل مشكلة قيم ومبادئ وسلوكيات تُغرس فينا من الصغر لتظهرَ ثمارها فى الكبر.
كبرنا وكبرت معنا هذه الأمراض المميتة، مرض الخوف الشديد من الفقد والتعلق المميت الذى أنهك روح الطفولة البريئة فى الصغر وكاد أن يقضى علينا فى الكبر، لم ندرك أن الفرق كبير جدًا هذه المرة، فهى لم تكن أشياء بل كانت أشخاصا، أشخاص تربطنا بهم علاقات أردنا الحفاظ عليها حد التملك للأبد! فدفعنا ثمن هذا... خوف وقلق وأذى نفسى لنا ولغيرنا، فلم تكن النتيجة واحدة هذه المرة، ففى الصغر كانت أشياؤنا بلا روح.. فظلت ملك أيدينا بإرادتنا نحن لا بإرادتها، فهى لم تكن إلا مجرد جماد لم يستطعْ التأفف من تملكنا له أو حتى الهرب فرارًا بعيدًا عن سجن أيدينا! أما فى الكبر فكان تملكنا لأشخاص.. لروحِ تشعر.. تختنق وتنازع، روح تمتلك من الإرادة ما يجعلها تهرب بعيدًا عن سطو سجننا لها إذا أرادت، روح خُلقت لحرية الحياة... فلا مالك لها إلا الله... فكيف تريد أن تسجن روحًا حتى وإن كان حبًا؟!.. هل توهمنا أن هذا هو المعنى الحقيقى للحب أم جهلنا حقيقة أنانيتنا وحب تملكنا؟!
علاقات فى مهب الريح، هى علاقات حاولنا تَملكها وهى فى الحقيقة من تملكتنا!، تملكتنا بشدة تعلقنا بها وخوفنا المفرط عليها، حتى أصبحنا من خوف فقدها، نسجنها بداخلنا خوفًا عليها من هبات رياح عاتية، لنظنَ أنها بمأمن، فنكتشف أننا من وضعنها بإيدينا فى مهب الريح!، ظننا أنها مجرد لعبة من الممكن الاستحواذ عليها بين أضلع... إلى أن لثمها خوفنا بوشاح نسجناه بخيوط التملك والأنانية!.
طفولة بائسة لم تحتج إلا لمزيد من الحب والحنان المشبع لكى تطيب، طفولة لم أعب عليها هذه النزعة الفطرية لتملك الأشياء والأشخاص، بقدر ما أعيب على تربية أبائنا الخاطئة لنا، ولكن إذا أخطأ الآباء فى صغرنا بدون وعى منهم، فالآن هو دورنا نحن فى أن نروضَ هذه النزعة التملكية بإشباعها حبًا يكفى ويكفى كى تطلقَ سراح الأشخاص بكل عفوٍ مملوءٍ بحب، مؤمنين أن ما أراد الله بقاءه لنا، سيبقى ويدوم حتى وإن أفلتته إيدينا، فما كُتِب لك سيصير.
بشيء من التوازن أعطِ من تحب، وبشيء من التوازن حافظ على من تحب، وبشيء من العقل أدرْ قلبك مع من تحب، وبشيء من القلب أدرْ عقلك مع من تحب.
بيدك أصنعْ لكل من أحببت أجنحة لكى يطير ويحلق ويرى بعينيه الحياة لا بعينك.. أعطه الحرية وأنت تثق تمامًا أن هذه الأجنحة التى صُنِعت بكل حب... حتما ستحن وتعود إليك إن كان مكتوبا لها أن تعود.