
حازم منير
الرئيس والمحافظ
لم أفهم من حوار السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى ومحافظ القاهرة اللواء خالد عبد العال أى معنى للإساءة أوالتقليل من الشأن بالعكس كان حوارا مهما من طرف واحد به أسئلة بلا أجوبة كشف عن طريقة إدارة شئون مصر ومنهاج العمل السارى، وهى مسألة لا تتعلق أبدا بقدرات المسئول أوكفاءته وإنما بتراث ونظام سار لم تمتد له يد التطوير والتغيير.
مُستخلصات الحوار تقول: إن المسئول المحلى يمتلك إجابات محددة لعنوان مُحدد سيتحدث فى شأنه، وإطارات عامة تتعلق كلها بموضوع الحوار مباشرة دون التطرق إلى أي عناوين فرعية ذات صلة مباشرة أوغير مباشرة بموضوع الحوار، فقاعدة العمل الإدارى المصرية أساسها لا تتكلم إلا فى حدود ما يطرحه المسئول الأعلى عليك، ولا تقلل أوتزيد حتى لا تغلط وبالتالى فلا داعى على الإطلاق لتستعد بمعلومات عن موضوعات إضافية.
السيسى لا يعمل بهذا المنطق، والبادى تماما من كل اللقاءات التى يعقدها على مختلف المستويات هوالاستعداد الكامل بمعلومات عديدة ومتنوعة تحيط بالملفات المفتوحة من كل جانب، وتقدم أجوبة على أى تساؤل يمكن طرحه فى المناقشات خصوصا وأنه من المفترض أن المشروعات فى الدول المتقدمة يحكمها منهج محدد وترتبط ببعضها حتى تأتى بنتائج واضحة فى عمليات التنمية ومردودها الاجتماعى.
كان من الممكن تجاوز ما دار بين الرئيس والمحافظ أول من أمس – السبت – لكن الحقيقة أن تجاوز الأمر وعدم الحديث فى تفاصيله يساوى استمرار منهج العمل البيروقراطى التقليدى القائمة على الاستعداد للحظة وليس التعامل برؤية شاملة مع مفهوم المسئولية، فنتيجة الحوار واضحة لا يوجد عمل احترافى وفق منهاج ورؤية، وإنما يوجد كلام عام يُمكن طرحه فى أى وقت .
محافظ القاهرة مظلوم ؟ نعم هومظلوم لأنه يعمل فى إطار جهاز إدارى بيروقراطى فى الأغلب فإن أغلب عناصره من الهواة البيروقراطيين الذين اعتادوا العمل بمنهج التقارير الإدارية، وتقديم المشروعات بمفاهيم إدارية جامدة خالية من التعبير عن الأبعاد الاجتماعية أومصادر الإنفاق أوالعوائد المنتظرة .
العمل الإدارى المحترف يقوم على الربط بين العناصر المختلفة، وخطط العمل تستند على الأهداف العامة والعناوين الرئيسية التى تتوج الأنشطة الفرعية المطلوب إنجازها، وحين يتحدث أى مسئول وفقا لذلك فإنه يتحدث عن مصادر تمويله وكيفية تنمية الموارد المالية وحجم الإنفاق المطلوب خلال مدة الخطة، والمتوافر منها، وكيفية تدبير بقية الموارد غير المتوافرة، والمدى الزمنى المتاح، وحجم المشروعات المطروحة فى الخطة، والمدد الزمنية لتنفيذها، والآثار الاجتماعية المترتبة عليها، وحجم المستفيدين منها، و نوعية المشروعات المرتبطة بها، وتأثيرها على المشروع الرئيسي، والمخاطر المحيطة بالخطة، وكيفية التعامل معها وتجاوزها، والبدائل الممكنة .
كل ماسبق ليس كلاما مثاليا أوخياليا، ولكنه العمل الاحترافى الغائب المطلوب تعميمه وتعميقه فى الإدارات المصرية المختلفة، وهوربما بالنسبة للبعض عندنا يمثل اختراعا، لكنه ليس كذلك لدى العالم كله، لأنك من دون امتلاك رؤية شاملة للمشروع الذى تقوم على تنفيذه لن تستطيع أبدا التعامل مع أي تطورات مفاجئة فى عمليات التنفيذ، ولن تستطيع إدخال أى تعديلات مفيدة لإضافات إيجابية جديدة .
دلالات الحوار بين الرئيس والمحافظ مفتاح لكثير من مشاكلنا.