
حازم منير
صحة أطفالنا
الشائع ان كلفة الخدمات الطبية هى الأعلى بين مختلف الخدمات التى تقدمها الحكومات لشعوبها، لكن غير الشائع أن هذه التكلفة تختلف من بند لآخر فى حزمة هذه الخدمات التى تتنوع بدءًا من التوعية حتى تصل الى العلاج الذى يمثل فى كثير من الأحيان المستوى الأعلى.
الحاصل أن الحكومات مسئولة عن توفير الخدمات الطبية للشعوب باعتبارها جزءا من مسئوليتها عن قيادة المجتمع وتحسين ظروفه وأوضاعه وتهيئة البيئة المناسبة لتحقيق التنمية والرخاء باعتباره الهدف الأسمى للحكومات فى التزاماتها تجاه شعوبها.
وفى سياق هذا المعنى تبذل الحكومات جهودا شاقة فى خدمتين أساسيتين هما الصحة والتعليم، وبعض الحكومات تعرف جيدا كيف تغزل بين الخدمتين معا لضغط كلفة الخدمتين من جهة، ولتوفير جزء من الإنفاق العام وتوجيهه لتحسين الخدمات.
حين نص بعض الطيبين فى دستورنا على تخصيص 3% على الاقل من الناتج القومى الاجمالى للانفاق الحكومى على الصحة، لم يضعوا فى الاعتبار العديد من العوامل المختلفة فى هذا الشأن وفى نوع الخدمات الطبية المطلوبة ودون النظر لزيادة أو انخفاض الناتج القومى، ونوعية الاحتياجات المطلوبة.
حين قال أجدادنا: إن «العقل السليم فى الجسم السليم» كانوا يقصدون وبوضوح أن حماية الجسم من الامراض وتهيئة بيئة ملائمة تساعد الانسان على تنمية ملكاته وقدراته، والمثل واضح حين تربطه بقرينه «الوقاية خير من العلاج»، ولا أتذكر وجود امثال وحكم شعبية تتحدث عن العلاج بعد المرض انما دوما تتحدث عن مرحلة ما قبل الاصابة.
الشاهد ان أغلب المصريين لا يتعاملون مع الحالة الصحية إلا بعد الاصابة بالمرض، وقتها يهرولون وينفقون الغالى والنفيس على مرحلة الكشف والعلاج ويتحملون فى سبيل ذلك مرارات واحمال لا حصر لها فى بعض الاحيان، وفى الكثير من الاحيان كان تلافى كل هذه الاعباء ممكنا لو كان هناك ما نسميه التوعية الصحية.
تستطيع الحكومة توفير مبلغ كبير من ميزانية بعض بنود وزارة الصحة التى تنفقها على الشعب لتوجيهها الى بنود اخرى داخل الوزارة تحتاج لاهتمام اكبر إذا ما اهتمت بصياغة خطة شاملة وعملية وواقعية للتوعية الصحية فى المدارس، هى خطة بالقطع ليست للتطبيل والتهليل، انما هى خطة لا تقل فى اهميتها عن خطط مواجهة العدو لاسترداد ارض مختطفة، ولست مبالغا فى ذلك لأن حماية صحة اطفالنا هى بالضبط كحماية الارض من الاحتلال.
كان الدكتور حمدى السيد نقيب الاطباء الاسبق دائم القول حين كان رئيسا للجنة الصحة بالبرلمان إن تنظيم حملات ضد التدخين كفيل بتوفير انفاق ضخم تقوم به الدولة لعلاج المدخنين، وكان حريصا دوما على القول إن ما يدخل ميزانية الدولة من اموال جراء الاقبال على التدخين وزيادة المبيعات تُنفق الدولة ضعفه على المرضى سواء من المدخنين او من التدخين السلبى .
هى نفس الفكرة فهل نستطيع تنظيم برامج رعاية وخطط توعية وتعمل على تطبيقها على الارض بجدية واحتراف داخل المدارس فانت لن تُحقق وفقط توفيرا فى الانفاق على العلاج وانما انت ستحمى اطفالنا من امراضا، وستوفر لهم بيئة مناسبة ووعى يستفيدون به مستقبلا.
التوعية الصحية والرعاية تخلق العقل السليم وتوفر من الانفاق والاهم تحمى البدن من المرض .
هل نستطيع تطبيق برامج توعية صحية باحتراف فى مدارسنا تحمى اطفالنا وتوفر انفاقناش