
حازم منير
طفل كفر الشيخ
«مع عدم الإخلال بأى عقوبة اشد ينص عليها فى قانون آخر، يعاقب بغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه كل من نشر أو أذاع بأحد أجهزة الإعلام أى معلومات أو بيانات، أو أى رسوم أو صور تتعلق بهوية الطفل حال عرض أمره على الجهات المعنية بالأطفال المعرضين للخطر أوالمخالفين للقانون «مادة 116 مكررا (ب) من قانون الطفل فى مصر.
فى أحيان كثيرة نندفع فى تغطياتنا الصحفية او الاعلامية مقتنعين اننا نوفر الضمانات الكفيلة بحماية المجتمع وافراده، بينما ونحن نفعل ذلك ننتهك القانون ونرتكب مخالفات تستحق المحاسبة كونها تمثل خرقا لحقوق الناس ومن بينها حقوق الاطفال على وجه الخصوص.
ويمثل ملف الطفولة بالنسبة للاعلام قضية كبرى ذات تأثيرات انسانية ومجتمعية عميقة، وتهتم كل وسائل الاعلام بقضايا الاطفال ومشكلاتهم كونهم الاكثر احتياجا للرعاية والحماية وباعتبارهم الاقل قدرة والاضعف على توفير الحماية لانفسهم ضد انتهاكات حقوقهم من اول القسوة والعنف فى تربية بعض الاسر وانتهاء باعتداءات المجتمع الاقتصادية والاجتماعية وخلافه.
الشاهد ان وسائل الإعلام بمختلف وسائلها المقروءة والمرئية استهواها السبق والاثارة فانتهكت القانون وخالفت الحظر المنصوص عليه فى شأن اطفال الواقعة حين نشرت صور الطفل والطفلة، ونقلت أحداث الواقعة مصورة، وابرزت احاديث مع أهاليهم، وكان النشر بمثابة بلاغ للرأى العام عن كل التفاصيل المتعلقة بالاطفال محل الموضوع.
السؤال: لماذا اعتبر القانون هذه العمليات انتهاكا ومخالفة لحقوق الطفل؟ ولماذا قرر العقوبة فيها؟ القانون نص على ذلك لأن النشر فى هذه الحالات يمثل تشهيرا بالاطفال فى مرحلة عمرية لا يملكون قراراهم ولا يعلمون الصواب من الخطأ، وهو يتسبب فى مشكلات مستقبلية عدة تتجاوز القدرة على تصورها حين يبلغ اصحاب الواقعة سن الرشد بين اقرانهم، كما ان النشر لمثل هذه القضايا يرتبط اساسا بالاثارة ويترتب عليه الاساءة تجاه المجتمع الذى يستهجن على وجه الخصوص انتهاكات حقوق الاطفال والاساءة لهم.
البعض يعتبر أن النشر فى مثل هذه الحالات يمثل اتجاها للاصلاح وحماية لمصلحة عامة وتنبيه المجتمع لمخاطر بعض الظواهر على اطفالنا، وهو بالقطع مبرر له جوانبه المنطقية، غير انه مُتجاوز لواقع يقول إن الاصلاح لا يتم عن طريق الاساءة والتشهير ونشر السمعة السيئة بعرض شخصيات الاطفال المُنتهكة حقوقهم او صورهم أو عناوينهم واسماؤهم كاملة واجراء الحوارات مع أهاليهم، وتقديمهم عبر وسائل الاعلام للتحاور معهم وهى كلها وسائل وادوات لا تحقق فكرة الصالح قدر ما تنتهك القانون وحقوق الطفل.
لقد نص القانون المصرى بوضوح على الالتزام بقاعدة دولية فى شأن حقوق الطفل تنص على منح الاعتبار الاول لمصالح الطفل الفضلى، وهو مبدأ يهدف الى توفير اقصى اشكال الحماية للطفولة فى كل المجالات، واعتبار ان ما يحقق حماية مصالحه هو الاولى والاعلى وهو المبدأ المعمول به فيما لم يأت به نص قانونى .
«الالتزام بحقوق الطفل والمصلحة الفضلى له فى المواد الإعلامية، وحظر استغلاله فيما يتم تقديمه من مواد إعلامية» مادة 6 من قانون الطفل المصرى.