الجمعة 18 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«بورسعيد» دروس الماضى والحاضر

«بورسعيد» دروس الماضى والحاضر






دائما ما تنجح بورسعيد فى تقديم نفسها محافظة الإنجازات والمواقف، ودوما ما تحتل صدارة المشهد فى لحظات تاريخية تمنحها الحق فى الحديث عنها بتميز، فقبل 62 عاما كانت المدينة الباسلة رمز الرمح فى المقاومة الشعبية لدحر العدوان الثلاثى، والآن هى فى صدارة محافظات مصر وصاحبة لقب أول محافظة خالية من العشوائيات.
إنجاز المحافظة الذى تم الإعلان عنه وافتتاحه فى العيد القومى لها بمناسبة مرور 62 عاما على انتصار المقاومة الشعبية هو بوادر أولى خطوات المشروع القومى لإعلان كل محافظات مصر خالية من العشوائيات والقضاء على ظاهرة أصابت البلاد فى مقتل من مختلف الجوانب.
ضعف وتراجع الاهتمام الرسمى بالاستحقاقات الاجتماعية خلال عصور سابقة، والإهمال فى تطبيق القوانين ومراقبة الأوضاع المحلية، وتهاون الأجهزة الرسمية المحلية فى مهامها، وانتشار الفساد والواسطة والمحسوبية أتاح مناخا لتشويه صورة المدن المصرية وإشاعة الفوضى بين ربوعها.
العشوائيات التى انتشرت فى كل محافظات مصر خرج من ربوعها وأزقتها وحواريها رموز الإرهاب والعنف ودعاة الفوضى، والعشوائيات بالمناسبة ليست مشكلة الفقر فليس كل من يسكنها فقير، إنما هى قبل ذلك علامة من علامات عشوائيات الفكر والسلوك، والإنجازات الحاصلة الآن ستسهم فى محاصرة الفكر والسلوك العشوائى، فمن عايش الأربعين عاما الأخيرة يستطيع أن يرصد وبوضوح مكانة الأحياء العشوائية فى مساحة التردى التى عاشتها مصر فكريا وثقافيا وأخلاقيا.
أن تملك مصر خطة قومية طموحة للقضاء على العشوائيات فهو توجه مهم وخطير ويجب الانتباه له ولدلالاته وتداعياته، وأن ننجح فى تنفيذ جوانب هذه الخطة مسألة بالغة الأهمية، وأن نشهد أول خطوة تتحقق فى هذا المجال من بورسعيد فى مناسبة دحر العدوان الثلاثى ونجاح المقاومة الشعبية فى مواجهة القوى الغاشمة هو مؤشر مُبهج.
قبل يومين تم افتتاح الخطوة الأخيرة من مشروع القضاء على العشوائيات ببورسعيد والذى يضم 44 عمارة سكنية على مساحة 16 فدانا بعدد 880 شقة، ويضم خدمات عدة منها مدرسة ووحدة صحية وأفرانا شعبية ومخبزا، وهو المشروع المخصص لاستيعاب آخر مجموعة من سكان العشوائيات بالمحافظة الباسلة.
إنجاز محافظة بورسعيد يطمئن على استكمال خطة ومشروع البرنامج القومى لمكافحة العشوائيات، وهو دليل على اهتمام الدولة بالتزاماتها الاجتماعية، أو ما يمكن تسميته مرحلة الاستحقاقات الاجتماعية، وهى متعددة ومتنوعة سواء من الجوانب السكنية أو الخدمات الطبية أو التعليمية أو توفير فرص العمل والمواصلات العامة وخلافه.
المسألة وبوضوح أننا أمام تحديات بالغة الصعوبة خصوصا فى ظل برنامج الإصلاح المالى والاقتصادى الذى كانت له بعض التداعيات السلبية وتركت آثارها على حياة الناس وقدرتهم على تلبية متطلبات حياتهم اليومية الأساسية، وهى إجراءات كانت لازمة وضرورية أن ترتبط بحزمة من الإجراءات الاجتماعية رغم فداحة وضخامة كلفة هذه الحزمة من أجل تحقيق التوازن الاجتماعى وتنفيذ التزام الدولة بحماية محدودى الدخل والفئات المتأثرة بهذه الإجراءات، لذلك فإن ما تم وما يجرى تنفيذه من خطوات إنجاز يستحق التوقف أمامه وبالتقدير.
إزالة العشوائيات والقضاء عليها سيسهم فى محاصرة الفكر والسلوك العشوائى