الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الآنسة إحسان هانم عبدالقدوس!

الآنسة إحسان هانم عبدالقدوس!






كان إحسان عبدالقدوس فى سن التاسعة عشرة وقد بدأ يكتب بانتظام فى مجلة «روزاليوسف» تحت اسم “سونة” وهو الاسم الذى اختارته له السيدة «روزاليوسف» ليوقع به ما كان يكتبه!
وذات يوم تلقى إحسان خطابًا من مدير عام مصلحة البريد يقول فيه: «نرجو من الآنسة إحسان هانم عبدالقدوس أن تضع صندوقا للخطابات على باب منزلها لمساعدة الموزع فى مهمته وتقبلى فائق الاحترامات.. ».
وكان «اسم إحسان» هو مشكلة إحسان المستعصية؛ حيث إنه يتشابه مع أسماء الإناث وانتهز هذه الفرصة ليحكى أزمته مع اسمه فى مقال «اسمى اللعين» بتوقيع “سونة” فى أكتوبر عام 1937 فكتب يقول:
«عال يعنى الحكاية بقت رسمى وأصبحت أعد من الحكومة ومصالحها ومديريها وموظفيها من النوع الذى يتمتع بلقب آنسة عن جدارة مضافًا إليها «هانم» كمان وهذا كله جراء اسمى اللعين! ذلك الاسم الذى كان والدى يحاول دائما إقناعى بأنه اسم ذواتى وشيك. «وعندما كنت أدخل عليه بعد رجوعى من مدرسة البرامونى الأولية باكيًا مولولًا وأحيانا مخربشًا ومتعورًا طالبًا فى إلحاح أن يغيره لى وإلا امتنعت عن الذهاب إلى المدرسة حتى ولو ضربنى ستين علقة!
كان اسمى هو التسلية الوحيدة للطلبة الملاعين أثناء الفسح وكثيرًا ما ساروا خلفى فى شبه مظاهرة وهم يصيحون ويهللون: البنوتة أهو.. البنوتة أهو!
وكثيرًا ما كنت أتنزفز وأشتبك معهم فى خناق لرب السما، أخرج بعده مخرشمًا مدغدغًا معدوم الحيل!
حتى الأساتذة كانت تسليتهم الوحيدة أثناء الدرس هو محسوبكم الغلبان الذى يحمل اسم «إحسان» فما كانوا يخاطبوننى إلا بصيغة الإناث فيقولون: جاوبى يا ست إحسان! قومى ياست إحسان صفر على عشرة يابت يا إحسان!
مش والنبى دى حاجة تجنن ياعالم؟! ومش لي حق أبكى وأولول وأمتنع عن المدرسة؟! ومش لى حق كمان أطلب بالحاح تغيير اسمى باسم آخر لا يكون من الصنف البناتى! أو من هذا الصنف الذى يضرب بالجوز فينفع للمذكر والمؤنث؟! ولو أن التلامذة فى ذلك الوقت لم ينظروا إلى على أننى أحمله بصفتى مذكر!
وقد بلغ من شدة تضايقى من اسمى والحاحى على والدى بتغييره أو البحث عن طريقة يقنع بها الناس أن اسم «إحسان» اسم رجالى.. ورجالى قوى كمان! أن أطلق على إحدى رواياته التى ألفها فى ذلك الحين اسم «إحسان بك» وقد مثلت فى تياترو حديقة الأزبكية.. وامتلأت شوارع العاصمة بالإعلانات الضخمة تحمل بالخط العريض اسم «إحسان بك» وكان غرض والدى من ذلك أن يقنع الناس أن هناك رجالا فى السويداء بهذا الاسم! ولكن برضه لم يتغير الحال وظل كما كان..
ولا أدرى أمن الظرف ما يمكن أم من ألعن ما يمكن تلك اللخبطة التى حدثت فى شهادة ميلادى ولم أكتشفها إلا بعد بلوغى العاشرة من عمرى الطويل بإذن الله.
لقد اكتشف إحسان أن شهادة ميلاده مكتوب فيها إنه «أنثى» وكانت مشكلة لا بد لها من حل.
وللحكاية بقية!