السبت 19 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
متى سنقضى على الإرهاب؟

متى سنقضى على الإرهاب؟






يظل المجتمع – أى مجتمع – فى حال ترقب وقلق طالما يمتلك هدفًا استراتيجيًا يسعى لتحقيقة، ولا يزول القلق أو الترقب إلا بعد بلوغ الهدف، وطوال هذه المراحل يظل الجدل والرأى هو سيد الموقف، والنجاح فى تحقيق خطوات تتقدم بك إلى الأمام هى معايير التقييم الأساسية.
وكما تمتلك مصر تاريخًا طويلًا من الحضارة ضاربًا بعمق فى جذور الإنسانية، فإنها تمتلك فى المقابل تاريخًا مع الإرهاب بكل أشكاله ومسمياته منذ أربعينيات القرن الماضى وحتى الآن، ودخلت فى مواجهات متعددة مع جماعات ثم تنظيمات محلية وبعدها إقليمية والآن دولية.
أتاح هذا التاريخ الطويل للدولة المصرية امتلاك خبرة مُعتبرة فى التعامل مع الإرهاب، وزادت سنوات أحداث ما بعد يناير 2011، وسرقة جماعة الإخوان الإرهابية للدولة المصرية من عمق وتنوع هذه الخبرة مع تركيبات مختلفة, بلغت هذه التركيبات آفاقًا مثيرة باختلاطها بأجهزة وهيئات مخابراتية إقليمية ودولية.
كنا منذ السبعينيات وحتى نهاية التسعينيات نتساءل متى سنقضى على الارهاب؟ ومع نهاية القرن الماضى تصورنا أننا أنهينا هذه الظاهرة, وتم القضاء عليها نهائيًا بعد حوارات طويلة مع الفصائل الأساسية، لكننا وفى النصف الأول من العشرية الأولى بالقرن الحالى تعرضنا لعدة غارات إرهابية عنيفة فى سيناء، نبهتنا إلى أن الإرهاب مازال يضرب بجذوره فى المجتمع.
أنا أقصد ذلك أن الإرهاب يضرب بجذوره فى المجتمع وليس التنظيمات الإرهابية التى تضرب، فأنت تستطيع القضاء على جماعات أو خلايا أو عناقيد، ليحل تاليًا لها عناصر أخرى إما بصناعة خارجية أو من خلال واقع كفيل بتغذية هذه الجماعات عبر الأفكار المغلوطة والتكفيرية.
فى تقديرى أن واقعة المريوطية الجمعة الماضى مجرد حادث عابر، وبغض النظر عن أسبابه أو الأجواء المحيطة به، وسواء تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط الجناة أو لم تفعل فى القريب العاجل، سيظل الأمر فى حدود التعبير عن حالة تراجع وانهيار لهذه الخلايا والعناقيد الإرهابية متمثلة فى ضربات مُشتته لا تربطها استراتيجية أو رؤية واحدة، وكل الهدف هو التذكير فى كل فترة بوجودها تصورا أنها قادرة على إحداث الفارق والتأثير على الأوضاع العامة للبلاد.
الغريب أن المترددين أو المشككين الذين يسارعون لإثارة الأجواء، لا ينتبهون إلى ما يجرى فى دول عدة بالعالم، هذا القول ليس تبريرًا بالعكس إنما هو رصد لأن الأجهزة الأمنية فى أعتى دول العالم وأكثرها خبرة وامتلاكا للتكنولوجيا تواجه فى بعض الأحيان تحديات وأحداث وعمليات تؤشر على أن الإرهاب مازال قائمًا، ولم تتمكن من القضاء عليه، فالاهتمام الأساسى يتمثل فى حصار الإرهابيين وتطبيق إجراءات لتضييق الخناق عليهم.
فى تقديرى ان النجاحات الأمنية ترتبط بالقدرة على نجاح الضربات الاستباقية، وجمع المعلومات وتحديثها، وملاحقة ومتابعة الإرهابيين، وهى عناصر حاصلة فى الواقع ولا تغفلها  عين، وأنت لا تستطيع اعتبار عنصر واحد منها فقط هى معيار النجاح الأمنى فى التعامل مع التنظيمات أو القائمين على العمليات.
المسألة لا تقتصر ولا يجب أن تقتصر على  الجانب الأمنى  من قواتنا المسلحة أو المؤسسة الشرطية إنما هناك جوانب عديدة تتمثل مواجهات فكرية وتنمية اقتصادية واجتماعية، وأولا وقبل كل شىء تماسك وطنى بين مكونات المجتمع يجب التعبير عنها فى مواقف عملية على الأرض تتجاوز الشعارات والتحليلات السياسية إلى تعبئة شعبية للناس فى مواجهة الإرهاب.
اجابة سؤال متى سنقضى على الإرهاب بالغ التعقيد ولا إجابة له فى المُقرر.