
محمد صلاح
مصر خالية من العشوائيات
فى العام الجديد، الذى هبت نسماته قبل ساعات، ينتظر المصريون آمالا وطموحات كبيرة، فمصر تستمر فى ريادتها وتقدمها وازدهارها، وسيجنى المصريون ثمار الإصلاح الاقتصادى، حيث يتجاوز معدل النمو الـ6%، ويتراجع عجز الموازنة إلى 8% ويرتفع الاحتياطى النقدى إلى 46 مليار دولار، وتحقق صادرات مصر من الغاز أرقاما قياسية مع زيادة إنتاج حقل ظهر إلى 3 تريليونات متر مكعب يوميا، فضلا عن بشائر الخير والأمل التى ينتظرها الملايين من اكتشافات البترول والغاز فى منطقة البحر الأحمر.
سيكون عاما للبناء والتعمير والتنمية الشاملة، وإنجاز المشروعات القومية الكبرى، ففى 30 يونيو، سيتم الانتهاء من 15 ألف مشروع تنموى فى كافة ربوع مصر بتكلفة 3.4 تريليون جنيه.
« مصر بلا عشوائيات».. حلم أصبح حقيقة، على يد الرئيس عبد الفتاح السيسى، الذى تبنى مشروعا قوميا للقضاء على أخطر المشاكل التى تهدد الأمن القومى والسلم الاجتماعى، حيث أعطى إشارة البدء قبل 4 سنوات للقضاء على هذا الكابوس الذى عانت منه مصر قبل نحو قرن من الزمان، وتوفير حياة كريمة للمواطنين، تعتمد فيها «كمبوندات الغلابة» على خلق مجتمعات عمرانية حضارية، لتصبح مصر خالية من المناطق غير الآمنة خلال العام الجارى، وبدون عشوائيات بحلول 2026.
المشروع القومى للقضاء على العشوائيات انتهى من تطوير11 منطقة غير آمنة، وتم نقل السكان إليها من بينها «الأسمرات 1و2» و«المحروسة 1و2»، وأهالينا، وبشاير الخير بالإسكندرية، وروضة السيدة زينب وزرزارة والقابوطى وعزبة أبوعوف ببورسعيد والرويسات بجنوب سيناء، وغيرها.
مكافحة ظاهرة تنامى العشوائيات، مسئولية تضامنية بين الدولة والمواطن، ولكن الدولة كانت شريكا فى انتشارها منذ البداية، إما بالفساد الإدارى أو التراخى فى مواجهتها، حتى تحولت العشوائيات إلى قنابل موقوتة، ومعامل لتفريخ الإرهابيين وتجار المخدرات والخارجين عن القانون، وأوكار لشيوخ الفتنة، والهاربين من الأحكام القضائية، وهؤلاء جميعًا يهددون الأمن القومى والسلم الاجتماعى.
وحتى لا تتكرر مأساة عبد المنعم عسران وحسن النوبى فى المدن الجديدة، وتحويلها إلى مناطق عشوائية يستوطن فيها الإرهابيون مثلما حدث فى مساكن أبو الوفا وأبناء الجيزة وابنى بيتك بمدينة 6 أكتوبر، يجب على الدولة أن تضرب بيد من حديد وتزيل العشوائيات فى مهدها.
لا يجب أن تنتظر الدولة حتى يحاصرنا كابوس العشوائيات، مثلما حدث قبل 95 عاما، وتحديدا عام 1924، عندما أنشأ «عبد المنعم عسران» أحد أبناء محافظة قنا، أول منطقة عشوائية فى حى الزمالك، الحكومة تدخلت ونقلت العشش على أطراف الحى الراقى فى إمبابة، ولم تكتف بذلك بل قامت بتعويض « عسران» بقطعة أرض كبيرة، أقام عليها العشش واستدعى باقى أقاربه والباحثين عن عمل فى القاهرة، حتى زاد عدد المهاجرين من الصعيد فتكونت إمبراطورية « عزبة الصعايدة» فى إمبابة.
وعلى غرار «عزبة الصعايدة»، سمحت الحكومات المتعاقبة بالعديد من المناطق العشوائية على أطراف الأحياء الراقية، ومنها « عزبة الهجانة» التى أنشأها « حسن النوبى» أحد جنود سلاح الهجانة الذى استقر بمنطقة تقترب من مدينة نصر، بعد تصفية سلاح الهجانة، وما أن استقر حتى طلب أقاربه للعيش معه، وتزايد عدد سكان التجمع السكنى حتى أصبح بعشرات الآلاف.
ونتيجة لفساد المحليات والإهمال والتراخى فى مواجهة هذا الكابوس، تكررت الظاهرة فى الجيزة والإسكندرية وبورسعيد وغيرها، حيث كانت العشوائيات، حلا مناسبا لإقامة الطبقات الفقيرة، وشجعت الحكومة على انتشارها بتقنينها وإمدادها بالكهرباء والمياه ما أدى إلى زيادتها لتصل إلى 1100 منطقة عشوائية يسكنها نحو 15 مليون مواطن.