الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
سناء البيسى وصراخ المشاهدين والمذيعين!

سناء البيسى وصراخ المشاهدين والمذيعين!






لا تفوتنى قراءة مقالة واحدة تكتبها الأستاذة القديرة «سناء البيسى» سيدة الكتابة الراقية فى كل مجال تكتب فيه أو عنه، من السياسة إلى الفن ومن الاقتصاد إلى الفكر ومن برامج الإذاعة إلى برامج الفضائيات وعمايلها السودة!
ولعل أجمل وأعمق مقالاتها عن هذه البرامج هو مقال عنوانه «بلاد الشكوى» تتحدث فيه عن ظاهرة الشكوى من كل شىء وكيف اقتحمت البرامج التليفزيونية فتقول:
فى كل يوم تولد محطة فضائية جديدة فى حاجة لإعداد وتصوير ومذيعين وبرامج وإعلانات وفقرات.. إلخ من هنا اختلطت مسألة الشكوى بالسبق الصحفى والتليفزيونى، تضاعف الزن والأنين والتباكى عشرات المرات، كانت الشكوى فى زماننا تهمس فى الأذن فى الركن القصى البعيد، لتسمع من الجانب الآخر معقبًا بهز الرأس دليل حُسن الإنصات والتفكر بهدوء فى إيجاد الحل المناسب!
الآن أصبحت الشكوى فضيحة خرجت بوجه مكشوف على الملأ لتذاع على الملايين، وأى واحد فى أول الأرض أو آخرها له الحق فى أن يدس أنفه فيها مؤيدًا أو معارضًا، مصدقًا أو مكذبًا مواسيًا أو صفيقًا، وللأسف أصبحت هناك برامج «فوتوكوبى» منسوخة من الأخرى حتى غدوت تستطيع الاكتفاء بواحد منها تبعًا لتفضيلك مقدمه أو مقدمته! الجميع فى حالة تنافس جهنمى والبهارات هى «الشكوى» المغموسة بالسبق!
يخرج الضيف بنفس البدلة والكرافتة ويمكن لا يكون هناك متسع من الوقت ليطفئ سيجارته أو يضع مفاتيح عربته فى جيبه أو يرتدى نظارته، يخرج من باب قناة ليظهر فى الأخرى بعدها بدقائق ليقول نفس الكلام ويردد نفس الهجوم ويعجب نفس العجب! وينصت للرأى الآخر بنفس سخرية التعالى ويهاجم نفس الأشخاص ويسوق نفس الأسباب ويسدد نفس الطعون ويسوق نفسه داخل نفس الثوب الملائكى المفترى عليه المعتدى على حقوقه!  كل هذا بينما ريقه لم يجف بعد وسخونة هجومه لم تبرد بعد فى الميكروفون الآخر وفى الحلقة الأخرى فى البرنامج التوءم المشابه اللى يادوب لسه خارج منه ! وأحيانًا هذا الضيف الثرى بالشكوى يختطف بواسطة فريق الإعداد كى لا يذهب للبرنامج المنافس وهناك ياما فى الجراب يا حاوى من طرق كثيرة لعرقلته وكله من أجل الشكوى!
وتمضى الأستاذة «سناء البيسى» فى مقالها البديع قائلة:
ولقد تضاعفت الشكوى بالسماح بالاتصالات التليفونية المغموسة بالشكوى، يصرخ المتصل «أحمد» من طنطا و«على»من السعودية و«سوسن» من المعادى وثريا من الكويت والمنصت لكلام مفتى استراليا من استراليا! كل منهم عنده شكوى مماثلة لشكوى الضيف أو يريد تعليقًا على الحوار الساخن الجارى، مشترك يطلع فى عقله يطلب البرنامج على الهواء ليصرخ ولا نسمعه، لأنه يكون قد ترك جهاز تليفزيون سيارته عنده مفتوحًا كى لا تفوته فرصة سماع نفسه!  ونقول له من فضلك اخفض الصوت يقوم بخفضه قليلاً وبشويش يرجع يعليه!  اقفله خالص، لا يقفله وعايزنا نتعاطف مع شكواه الجانبية الدخيلة!
وهناك المداخلات الصارخة الحازمة الآمرة من المسئولين يزايد عليها الضيف ليصرخ أكثر فتتدخل المذيعة لتصرخ أكثر وأكثر كى تثبت وجودها بصراخها: لا تنسوا أننى هنا ودورى إدارة الحوار!  لكن هيهات أن يفتح لصوتها ثغرة فى ملحمة الصراخ ويصبح للبرنامج المذاع مندبة شكوى لا أحد يسمع الثانى ولا نحن المشاهدين نسمع شيئًا، وغالبًا ما نكون على الجانب الآخر قد دخلنا معركة صراخ «بيتى» ويصبح الأمر كله سوق عكاظ للتشويح والمهاترات والصراخ الذى لا تسمع منه ملامح جملة واحدة صحيحة تفيد موضوعنا المطروح للمناقشة والمعلن عنه مسبقًا كل دقيقة والثانية بين الفقرات وفى صدر صفحات التغطية الإعلامية فى بلدنا.
ولانطباعات الأستاذة «سناء البيسى» بقية مهمة!