الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«روزاليوسف» تتحدى المندوب السامى البريطانى!

«روزاليوسف» تتحدى المندوب السامى البريطانى!






كان الإنجليز فى مصر على رأس أعداء «روزاليوسف» التى لم تكف أبدا عن مهاجمتهم لتدخلهم فى كل الشئون المصرية، سواء فى زمن السير «برسى لورين» أو اللورد كيلرن وكلاهما كان يشغل المندوب السامى البريطانى فى مصر!
وتقول «روزاليوسف»: كان الناس يرون من آيات تدخل الإنجليز عجبا! وكانت «روزاليوسف» لا تكف عن مهاجمة هذا الوضع الشاذ! ففى وزارة «صدقى» ذهب الملك فؤاد إلى الاحتفال الذى أقيم لاستقبال أول طيارين مصريين يعودان من إنجلترا، وكان يجلس بجوار الملك «السير برسى لورين» ثم وضع ساقا على ساق بحيث أصبح نعل حذائه يواجه وجه الملك تقريبا والتقطت الصحف الصورة ونشرتها، وشنت «روزاليوسف» حملة عنيفة على هذا التصرف العجيب الذى يكشف عن نوع العلاقة بين الملك والإنجليز!
وتحكى «روزاليوسف» كيف تأكدت من تأييد الإنجليز المطلق لوزارة «توفيق نسيم باشا« حين زارها ذات يوم صحفى وتاجر ورق، وتفاجأ «روزاليوسف» بتاجر الورق يعاتبها على الحملات التى تشنها «روزاليوسف» على الوزارة ثم قال لها: إن دار المندوب السامى البريطانى تعرض أن تدفع لها خمسة آلاف جنيه دفعة أولى ثم ألفى جنيه شهريا لمدة طويلة إذا أوقفت الحملة نهائيا على الوزارة!
ورفضت «روزاليوسف» العرض وتقول: «ناقشت الزائرين طويلا فى مغزى تأييد الإنجليز للوزارة إلى هذا الحد، وقلت إن هذا يؤيد الرأى الذى تدعو إليه «روزاليوسف» من أن هذه الوزارة صنيعة الإنجليز»!
ويستمر هجوم «روزاليوسف» المجلة وكذلك الجريدة اليومية فى مهاجمة الإنجليز، ويرحل السير «برسى لورين» ويحل محله «اللورد كيلرن» - سير مايلز لامبسون» الذى تصفه «روزاليوسف» بقولها: إنه أخطر من مثل بريطانيا فى مصر ولا أبالغ إذا قلت إنه سار على سياسة تخالف سياسة كل من عداه من المندوبين الساميين والسفراء الإنجليز، فقد كان ممثلو إنجلترا دائما يتحالفون مع القصر ويناصبون الوفد العداء، أما «مايلز لامبسون» فقد كانت خطته منذ جاء إلى مصر ترمى إلى مهادنة الوفد ومسالمته ومقابلته فى منتصف الطريق!
وقد رأيت سير لامبسون مرة واحدة فى إحدى الحفلات التى كانت تقام فى قصر الزعفران، قدمنى إليه «أمين عثمان» - وزير المالية - الذى كان يطلق عليه «ابن لامبسون» وقد هالتنى قامته الفارعة الطول وشخصيته القوية الطاغية وعيناه الفاحصتان وكان كل ما فيه يصرخ بأنه رجل لا يعرف الحدود ولا القيود!
وقال لى ضاحكا: أترين أننى أجمل من الكاريكاتير الذى ترسمه لى مجلتك!
وكنت أعرف أنه يغتاظ جدا من الكاريكاتير الذى كان يبدو فيه قبيحا كبير السن.. ربما لأنه متزوج من شابة جميلة تصغره بكثير وكان الإنجليز يتقولون عليها نظرا لتأثيرها على زوجها وقد كانا بخيلين، بل كان لامبسون إذا ذهب لرياضة الصيد لا يخجل حين يعود أن يبيع البط الذى اصطاده!
وتروى السيدة «روزاليوسف» هذه الحكاية: «كان - على ماهر باشا - رئيسا للوزارة، ورسمت «روزاليوسف» صورة كاريكاتورية لسير مايلز لامبسون وغيره من الإنجليز فى ثياب القراصنة، والمصرى أفندى ينصح لعلى ماهر» ألا يركب معهم فى سفينة واحدة!
وذهب مايلز لامبسون يحتج عنده على هذه الصورة، فاتصل  على ماهر  بأنطون الجميل - صاحب الأهرام - وطلب منه أن ينشر ما تنشره بعض المجلات الذى لا يعبر عن رأى الحكومة، مشيرا إلى «روزاليوسف» فكتبت فى اليوم التالى أقول إن المجلة لا صلة لها بأحد!».
ويصل الهجوم إلى ذروته حين يكتب إحسان عبدالقدوس مقاله الشهير مطالبا فيه برحيل اللورد كيلرن عن مصر فتتم مصادرة المجلة واعتقال إحسان عبدالقدوس نفسه!
وللحكاية بقية!