
حازم منير
28 يناير وما بعده
ربما يمثل يوم 28 يناير 2011 نقطة فارقة فى تاريخ مصر، لكن لا يمكن بالتأكيد بحثه والنقاش حوله متجاهلين ما لاحقه من أحداث لا تقل إثارة ولفتا للأنظار عن مشاهد الشغب والسلب والنهب وحرق أقسام الشرطة وسيارات الشرطة والمحال التجارية الكبرى والبنوك والاستيلاء على ما فيها من سلع أو نقود وخلافه .
أكثر ما لفت نظرى يوم أطلق عليه «الثوار الأحرار» يوم «موقعة الجمل» والتى سقط فيها قتلى وضحايا أبرياء لا ذنب لهم سوى تعبيرهم عن الرأى بشكل سلمى، بعيدا عن القطيع المُحتل للميدان من جماعات الإرهاب وأعوانهم من جماعات سياسية مريبة.
فى هذا اليوم صباحا حاول البعض دخول الميدان على « أحصنة وعدد من الجمال» واشتبك الطرفان طويلا وخرج «المقتحمون» وألقى القبض على بعضهم، وواصل المحتجون احتلالهم للميدان مستمرين فى الاعتصام دون أحاديث عن إصابات أو ضحايا تُذكر.
لكن ليل هذا اليوم اشتعلت فيه مواجهات مسلحة مريبة ولافتة للنظر خصوصا مع وقائع باتت مؤكدة فى تاريخ الأحداث عن عناصر وشخصيات اعتلت بعض الأسطح فى مدخل الميدان تطلق النار على «المُحتجين»، وفقا لشهادات موثقة وموثوقة من شهادات لشخصيات بارزة لم تتوان عن الإدلاء بها تفصيليا أمام القضاء وأكدت هذا الدورالأسود فى استهداف المصريين وقتلهم، وهى شهادات أشارت بوضوح لعناصر الجماعة الإرهابية وقياداتها فى المسئولية المباشرة عن هذه الجريمة.
ما جرى يوم 28 يناير 2011 وما تلاه من أيام سلسلة متصلة من الوقائع والأحداث لا يُمكن فصلها أو النظر لها فى إطار فردى ، إنما وفقا لرؤية تحدد وبجلاء المسئولية الحقيقية سواء عن وقائع العنف والفوضى فى 28 أوالقتل والدم بعدها فى «يوم الجمل» أو ما بينهما من اقتحام السجون لتهريب الإرهابيين وإطلاق سراحهم وإخراج مجرمين جنائيين لاستكمال مسلسل الفوضى فى البلاد .
وبالمناسبة فإن ما قبل 28 يناير يؤشر بوضوح لسير الأحداث وهى رؤية ذاتية ومعايشة شخصية لأحداث ووقائع الأربعاء 26 يناير حين تحركت مجموعات من الشباب مُلثمة فى شوارع وسط البلد من مربع عبد الخالق ثروت حتى ميدان التحرير، تتنقل من مكان لآخر بحركة مُنظمة وواعية استهدفت وبوضوح أفراد الأمن المركزى وإرهاقهم فى مسلسل كر وفر دون اشتباك فى حوارى وشوارع المنطقة لنحومنتصف الليل، وقبلها ظهرا وحتى العصر نفس السيناريودون أى مساحات خلاف فى منطقة الإسعاف والجلاء حتى ميدان عبد المنعم رياض.
نحن نتحدث عن سيناريوجرى التخطيط له والتدريب عليه ثم تنفيذه بدقة ومهارة، وجرى تأهيل عناصره فى الخارج بصربيا وغيرها وعبر وسائل التواصل الاجتماعى والإنترنت والفيديوهات المُسجلة المُرسلة من الخارج بكيفية التعامل مع المواجهات، ثم حلول الاتصالات عبر الشبكة العنكبوتية وتوصيل هذه الوسائل إلى العناصر الأساسية بالقاهرة حين قررت الحكومة قطع الاتصال بين قادة الاحتجاج.
نحن نحتاج إلى عمل خاص لتوثيق كل هذه الوقائع، والحوار عليها أمام الرأى العام لعرض الحقائق وحقيقة ما جرى ولمعرفة الأسباب التى أدت إلى نجاحها وخصوصا الإرادة السياسية المهزوزة آنذاك.