الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
إحسان.. وأيام فى القدس!

إحسان.. وأيام فى القدس!






على صحفات «روزاليوسف» لمعت مئات الأسماء الصحفية المصرية والعربية، وسرعان ما كبرت هذه الأسماء الشابة حتى أصبحت نجومًا فى سماء الصحافة!
كان من بين هذه الأسماء الصحفى الفلسطينى الأستاذ «ناصر الدين النشاشيبى» الذى نشرت له مجلة «روزاليوسف» العديد من المقالات التى يتحدث فيها عن فلسطين، وعن ذكرياته مع «روزاليوسف» كتب يقول فى مذكراته «قصتى مع الصحافة»:
«قالت لى السيدة فاطمة اليوسف «صاحبة مجلة «روزاليوسف» ووالدة الأستاذ «إحسان عبدالقدوس» وأنا أزورها فى مكتبها القديم بدار «روزاليوسف» فى يونيو من عام 1945:
ـ سأرسل لكم ابنى إحسان فى رحلة صحفية إلى فلسطين ولبنان، أنا أصلى من لبنان ويهمنى أن يرى ولدى وطن والدته، وعليك أن تأخذ بالك على «إحسان» فى القدس بلاش شقاوة وبلاش بعزقة فلوس بلا ضرورة، لازم تخلى «إحسان» يقابل كل زعماء فلسطين عندكم ويكتب عنهم! وإياك والتعرض للقنابل وأعمال النسف فى أحياء اليهود! اسمع يا واد يا ناصر ـ هكذا كانت السيدة «روزاليوسف» تنادى أصدقاء ولدها ـ لو جرى حاجة لإحسان سأقطع رقبتك!
وبعد أسابيع قليلة كنت فى محطة سكة حديد «القدس» استقبل القطار المقبل من «البلد» والذى بدأ رحلته من القاهرة وبداخله صديقى الصحفى «إحسان عبدالقدوس»!
وكانت المرة الأولى التى يخرج فيها إحسان من القاهرة وكانت المرة الأولى التى يزور فيها «إحسان» بلاد الشام وكانت المرة الأولى التى يأتى فيها صحفى مصرى إلى فلسطين لا لكى يتنزه فى فندق الملك «داود» ولا لكى يكتب عن أخبار الملكة «نازلى» أو «مصطفى النحاس» أو زينب الوكيل، ولا لكى يقابل المطربة «آمال الأطرش» أو «أسمهان» ولا لكى ينشر أخبار تهريب الذهب من مصر إلى فلسطين فى حقائب كبار الشخصيات المصرية وإنما لكى يرى فلسطين ويقابل زعماء فلسطين ويكتب عن قضية فلسطين.
ها هو ـ إحسان ـ شاب متحمس عاطفى يكتب السياسة بلغة العشاق ويصور الأحداث بأسلوب الروايات، ويتحدث عن الأزمات كما يتحدث عن الحب يأتى إلى فلسطين وأجراس الكنائس، تدق بمناسبة إعلان انتهاء الحرب العالمية الثانية، فيكتب «إحسان» مقالا مطولاً فى جريدة «الوحدة» المقدسية بعنوان «الشرق الأوسط بعد انتهاء الحرب إلى أين؟!» وأمشى معه فى شوارع القدس فيصدمنا صوت انفجارات القنابل واصطدامات الجيش مع قوات «الهاجانا» ويأتى المساء فأعود به إلى منزلى ـ حيث كنت أستضيفه ـ قبل  أن يحل موعد فرض نظام منع التجول!
ويسألنى إحسان: أين نسهر هذا المساء؟ فأرد عليه: نسهر مع نشرات أخبار الراديو لنعرف الأهداف العسكرية الجديدة التى هاجمتها عصابات «الأرجون وشتيرن ـ الصهيونية ـ فى هذا اليوم!
ويسكت إحسان على مضض ثم يسأل فى نزق الشباب: حياة إيه دى؟ ليس عندكم سوى القنابل والانفجارات وأجراس الكنائس والنوم المبكر وجريدة الوحدة!
ثم يسألنى فى حذر: سأذهب غدًا لمقابلة ـ موشى شرتوك ودافيد بن جوريون فى مكتبيهما بالوكالة اليهودية هل تأتى معى؟! وأجيبه على الفور: مستحيل!
فيرد إحسان: وكيف لى أن أعرف كيف يفكر عدوى إذا لم أقابله!
وللحكاية بقية!