
حازم منير
البرلمان الأوروبى
من بين أدوات الوحدة الأوروبية «المُهددة بالانهيار» خرج إلى النور البرلمانى الأوروبى مؤسسة مُنتخبة مباشرة من الشعوب الأوروبية، وهوصاحب ممارسات وقرارات منحته وبحق لقب «الطفل الشقى» بحسب ما يعتبره ويصف سلوكياته العديد من السياسيين الأوروبيين.
وللحقيقة فإن صاحب هذا التوصيف أصاب كبد الحقيقة، فالبرلمان الأوروبى يُتبنى قرارات مثيرة للجدل، فهويدافع عن إرادة الشعوب وحقها فى الاختيار وفى الوقت ذاته يدعم العمليات الانقلابية على الديمقراطية.
مؤخرا أصدر البرلمان الأوروبى قرارا يٌمثل فضيحة بكل المعايير العالمية والإنسانية حين أعلن اعترافه برئيس البرلمان الفنزويلى رئيسا شرعيا للبلاد، نعم شرعيا وهو اللفظ الرسمى الوارد فى البيان الصادر عن البرلمان الأوروبى.
البرلمان الشعبى المُنتخب شعبيا، المُدافع عن الإرادة الشعبية، حامى حمى حقوق الإنسان فى العالم، تجاوز كل الحكومات بمصالحها السياسية والاقتصادية، وانفرد بقرار الاعتراف الرسمى بمٌغتصب السلطة ومنحه صك الشرعية.
أخطر ما فى قرار البرلمان الأوروبى أنه يوجه ضربة قاتلة لمفهوم الديمقراطية وإرادة الشعوب، ويربطها مباشرة بالمصالح السياسية والاقتصادية لبلاد الغرب والولايات المتحدة، وهوبذلك ينسف تاريخا طويلا من العمل على ترسيخ الكلمة الأخيرة للاختيار للشعب.
البرلمان الأوروبى ضرب عرض الحائط بإرادة الشعب فى اختيار رئيسه، وهولم يتحمل الصبر فقرر التدخل بنفسه لصالح إرادة شعبية وهمية غائبة، فزعيم المعارضة رئيس البرلمان الفنزويلى عاجز حتى الآن عن تقديم أدلة انحياز الشعب لصالحه فى الصراع السياسى، وهوعاجز أيضا عن إثبات نفوذه شعبيا مكتفيا بالدعم الخارجى الأوروبى والأمريكى.
المفرقة فى موقف البرلمان الأوروبى اتباعه سياسات متناقضة وفقا لمصالحه، فهو يعادى الدولة المصرية الوطنية المدعومة شعبيا لأن مصالحه السياسية مع إعادة الجماعات الإرهابية للبلاد وإدماجها فى الحياة السياسية، وهو يهدف من وراء ذلك الزج بمصر فى آتون صراعات سياسية ومسلحة داخلية، فى الوقت الذى يدعم انقلاب سياسى غير مدعوم شعبيا وتجاوز إلى إصباغ الشرعية عليه وفرض نفسه معيارا للاختيار ومرجعية القرار مستبعدا الشعب الفنزويلى وإرادته من المعادلة السياسية.
هذه الازدواجية فى المعايير تدفعنا وبوضوح إلى استهجان واستنكار أي بيان أو موقف أوقرار من البرلمان الأوروبى تجاه ما يطلق عليه حقوق الإنسان وإرادة الشعوب والشرعية الدستورية ودولة الديمقراطية وخلافه من تلك العناوين التى أصابها الوهن بسبب انتهازية السياسة الغربية وانسياقها وراء رؤى وأفكار نفعية مصلحية بدرجة امتياز.
الشاهد أن سياسات البرلمان الأوروبى وقراراته ستسيء وبدرجة كبيرة إلى مواقف عملائه وتوابعه فى العديد من بلدان العالم وخصوصا فى منطقتنا وتحديدا فى بلادنا، وإن كنت أشك أنهم سيشعرون بخزى أويصيبهم الخجل وهم يدافعون عن البرلمان الأوروبى مستقبلا.
واللافت أن عملاء البرلمان الأوروبى وأعوانه لم يصدروا كلمة واحدة ضد قراره الأخير بنزع شرعية شعب وفرض الوصاية عليه باختيار رئيسه والاعتراف به، رغم هذا التناقض الصارخ مع مبادىء حقوق الإنسان التى يتشدقون بها ليل نهار.
قرار البرلمان الأوروبى بخصوص فنزويلا عار على المجتمع الدولى وانتهاك لمبادىء الشرعية الدولية وكل وثائق وعهود حقوق الإنسان التى يزعُم دفاعه عنها.
فعلا الطفل الشقى يجيب اللعنة لأهله.