السبت 19 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الفوضويون وسلطة القانون

الفوضويون وسلطة القانون






لم يعد مفاجئا مطالعة سيل من السُباب والشتائم والإساءات على صفحات من يعتبرون أنفسهم «معارضين « وهم فى الحقيقة فوضويون لا يمارسون اى لون من الوان المعارضة السياسية أو نقد سياسات حكومية قدر ما يهتمون بالسب وشتم من يخالفهم الراى.
مشكلة الحياة السياسية الان فى بلادنا هى هذه الحالة التى تستهدف نشر الفوضى فى المجتمع من خلال الاساءة والسب واهالة التراب على القواعد العامة المعمول بها، واضعاف سلطة القانون لحد عدم الاعتراف به، تمهيدا لإشاعة الارتباك واضعاف سلطة الدولة .
لذلك ليس غريبا ان يتحرك هؤلاء فى كل اتجاه من اجل اضعاف سلطة القانون، والتحريض على عدم احترامه، والدعوة الى انتهاكه بكل السبل والوسائل، وهى كلها تصرفات واضحة على صفحات التواصل الاجتماعى لهؤلاء .
لو كان هؤلاء الفوضويون يمارسون معارضة سياسية لوجدنا حالة مختلفة تماما، انتقادات للسياسات المطبقى، طرح لأفكار بديلة، رؤى مدعومة بالبيانات والارقام، اراء تعكس انحيازات اجتماعية مغايرة، تصورات سياسية لأوضاع اقليمية أو دولية .
الحقيقة ان تصرفات هؤلاء الفوضويين ترتبط بتصور لتوسيع نطاق حملات الاساءة والتشهير الشخصى اكثر ما ترتبط برؤية نقدية سياسية، والهدف من ذلك هو تشويه الصورة الشخصية والتحريض عليها، وهى كلها تصورات لإشاعة الكراهية فى المجتمع بين الناس وبين الرموز التى يتم التحريض عليها، ما يخلق حالة من التوتر والحقد فى المجتمع .
وعلى التوازى فإن الإصرار على حملات السب والقذف والسخرية والشتائم يؤكد رغبة دفينة لدى هؤلاء بإشاعة حالة تنتهك القانون ولا تعترف به وتحرض عليه، استنادا الى رؤية مخالفة لكل الاعراف تعتبر ان الحرية تمنحك الحق فى استباحة كل شيء، وان اى عملية أو محاولة لتنظيم الاحوال القائمة يُعد انتهاكا لحرياتهم وحقوقهم .
المُضحك فى الامر ان هؤلاء الفوضويين الذين ينتهكون القانون والحقوق والحريات الشخصية وحرمة الحياة الخاصة ويستبيحون خصوصيات الناس، ويسبون ويشتمون ويسخرون، ويرتكبون كل الموبقات، هم انفسهم الذين يتهمون الدولة بانتهاك حقوقهم وفرض قيود على حريات الرأى والتعبير ومنعهم من ابداء رايهم .
المُدقق فى الاحداث التى شهدتها البلاد خلال العامين الماضيين يتأكد من وجود هذا التصور، فكل القضايا المُحالة الى النيابة العامة على صلة بالملف السياسى اساسها هو مخالفة القانون والقيام بتصرفات وتحركات سياسية أو دعوات لتحركات جماهيرية بخلاف ما نص عليه القانون، أو مطالبات وتحريض للناس على تصرفات دون الاتزام بالاجراءات القانونية الواجبة.
الفوضويون لا يرغبون فى القانون، ولا يحترمونه، لأنه يمثل قيدا على مخططاتهم وعلى اهدافهم، ولذلك فإن اساس كل تحركاتهم، هو الدعوة الى انتهاك القانون والتحريض على الامتناع عن تنفيذه.
الفارق بين الفوضويين والمعارضين كبير، والفارق بين الدعوة للفوضى وبين انتقاد السياسات أكبر بكثير، ونتائج كل منهما مختلفة تماما، فالمعارضة مُنتجة والفوضى مُدمرة، وهؤلاء لا يسعون الى معارضة الحكم وانما اشاعة الفوضى، ولا يجب التخاذل فى تطبيق القانون على كل من يخالفه فمعظم النار من مستصغر الشرر .