
حازم منير
حالة مختلفة
تدخل مصر خلال أيام مرحلة جديدة، ستفرض مشهدا سياسيا نشيطا، سيتصدر أجندة العمل لفترة تمتد لنحو ثلاثة أشهر، وستشهد جدلا متصاعدا، حين تبدأ عملية المناقشة التفصيلية، لمذكرة نواب البرلمان المطالبة بتعديل عدد من مواد الدستور.
رئيس البرلمان الدكتور على عبد العال فى كلماته المتنوعة أثناء الجلسة التمهيدية، تعهد بإجراءات محددة، أولها :إدارة حوار مجتمعى واسع حول التعديلات المقترحة قبل إقرارها تشريعيا، و ثانيها :إتاحة الفرصة كاملة أمام كل نائب لإبداء رأيه، و ثالثها: حماية النواب من المقاطعة والتعليقات أثناء النقاش، و أخيرا: أن يدور الحوار فى إطار بيئة ملائمة تسهم فى إخراج نتائج لصالح الوطن.
هذه التعهدات كانت عملية مهمة للغاية، فهى تعكس التصور المطروح للحوار، وتعكس القناعة السياسية بأهمية المشاركة، و تؤكد الرغبة فى إتاحة المجال للجميع، و تنفى أى رغبة فى الانفراد بالقرار، و أخيرا هى كاشفة لما سيحدث فى المستقبل القريب.
المشهد الذى تابعناه عبر وسائل الإعلام خلال اليومين الماضيين، من مداخلات ومناقشات للنواب لإبداء الرأى من حيث المبدأ، فى مذكرة الرغبة بتعديل بعض مواد الدستور، تؤكد أن التعهدات التى أطلقها رئيس المجلس وجدت طريقها فعليا للتنفيذ، وأنها تحولت إلى واقع عملى يطمئن الجميع.
إذن بدء العملية السياسية لتعديل بعض مواد الدستور انطلقت فى إطارها الصحيح، وأكدت أن المشاركة حق يجب الالتزام به وحمايته، و هو مؤشر مهم للغاية، ردا على ادعاءات وترويجات تنفى توافر الإطار والبيئة والمناخ المطلوب للمشاركة فى المناقشات.
حسب معلوماتى سيدعوا البرلمان من خلال اللجنة التشريعية فئات المجتمع المختلفة إلى جلسات متخصصة للاستماع إلى وجهات النظر حول التعديلات المقترحة على بعض مواد الدستور، كما سيدعوا الأحزاب السياسية غير الممثلة فى البرلمان أيضا، وهو بذلك سيتيح المجال واسعا لأكبر قدر ممكن من المشاركة و النقاش.
المسألة الأساسية الآن هى الاستفادة من هذه النقاشات والمحاورات فى تنشيط المشاركة الشعبية والمشهد السياسى العام، وبث روح الطمأنينة فى المجتمع على مستقبله، باستخراج نتائج تعكس أوسع حالة من التوافق والتفاهم.
فى المناقشات العامة لا غالب و لا مغلوب، إنما هناك أغلبية وأقلية، وكما يقولون الرأى للجميع و القرار للأغلبية، والنتائج النهائية تعكس رأى الأغلبية مع وضع ملاحظات الأقلية فى الاعتبار، والحسم والرأى والقرار النهائى للمواطن الذى سيحدد باختياراته الصورة النهائية وما ستكون عليه الأحوال.
لذلك اندهش جدا من الذين يدعون إلى مقاطعة عملية الحوار حول تعديل الدستور، أو يبدأون من حيث النهاية بالمصادرة على المستقبل، وتخيل نتائج ووقائع مسبقة، وبناء رؤى و تحليلات على هذه التخيلات غير الواقعية وغير المدعمة بممارسات وحقائق على الأرض، إنما مجرد تحليلات قائمة على الخلاف السياسى و فقط.
هذه الجماعات تؤكد أنها لا تؤمن بحق المواطن فى حسم القرار الأخير، وإنما هى تؤمن بما تعتقده فقط، وتسعى و تحاول بشتى السبل لفرضه على المجتمع، و إذا لم تأت النتائج بما تشتهى، فإنها تثير العواصف باتهام الجميع، و العمل على إهالة التراب بإطلاق الشائعات والأكاذيب، ولذلك هى دوما ما تخسر.
المشاركة واجب و حق، وحماية الرأى مسئولية، واحترام إرادة الناخب التزام، وعلى الجميع الالتزام بقرار وإرادة الناس.