الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«أقباط وأرمن»

«أقباط وأرمن»






قد تكون صدفة، وقد تكون قدرا، 5 سنوات، مرت على مذبحة الأقباط فى ليبيا، فبراير 2014 نستيقظ على فيديو تبثه قناة الجزيرة القطرية  لتنظيم داعش بعنوان «رسالة موقعة بالدماء إلى أمة الصليب»، 5 دقائق دموية تم تصويرها باحترافية شديدة،لعملية ذبح 20 مسيحيا مصريا على شط البحر،وقتها وبعد أقل من 24 ساعة وصلهم الرد المصرى الحاسم،عبر قواتنا الجوية والعمليات الخاصة.
 فيما بعد وتحديدا فى يناير 2018  نعرف من اعترافات الإرهابى « هشام إبراهيم» الشهير  فى داعش باسم «الديناصور» والذى تم القبض عليه «أن التنظيم كان حريصا على تصوير مذبحة الأقباط المصريين بـ 3 كاميرات بناء على رغبة قيادات التنظيم فى سوريا، حيث تم إرسال معدات وكاميرات ذات تقنية حديثة،تم إحضارها من تركيا عبر مطار معتيقية الليبيى لهذا الأمر تحديدا».
فى فبراير 2019 يدخل الرئيس عبدالفتاح السيسى على خط مذبحة أخرى، وجريمة إبادة جماعية، ارتكبها الأتراك أيضا، الرئيس قال خلال مشاركته بالجلسة الرئيسية لمؤتمر ميونيخ للأمن السبت، إن مصر استضافت منذ 100 سنة الأرمن، بعد المذابح التى تعرضوا لها، والآن نستضيف 5 ملايين لاجئ يعيشون كمصريين بدون ملاجئ أو معسكرات أو إيواء ولم نتاجر بهم.
مذابح الأرمن،واحدة من أكبر المجازر فى تاريخ البشرية فى القرن العشرين،راح ضحيتها بحسب تقديرات الباحثين نحو 1.5 مليون شخص،إضافة إلى تهجير مثلهم بالقوة، فى إبادة عرقية من قبل الجنود الأتراك التابعين للدولة العثمانية تجاه مجموعة الأرمن المسيحية مابين عامى 1915 و1917 بتهمة أنهم  يمثلون الطابور الخامس لقوات الحلفاء فى الحرب العالمية الأولى .
دول كثيرة، اعترفت رسميا بالإبادة الأرمنية،والرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، أعلن فى الخامس من فبراير الجارى أن بلاده ستحيى يوما وطنيا لذكرى الإبادة الأرمنية، ليفى بذلك بوعد أطلقه خلال حملته الانتخابية بإدراج الإبادة الأرمنية ضمن جدول الفعاليات الرسمى الفرنسى.
وبالمناسبة، تركيا نفسها  معترفة بمذابح الأرمن، دعكم مما يقوله أردوغان ومحاولته التعتيم وتبرير  الجريمة التى لا تسقط بالتقادم .
نعم تركيا نفسها معترفة بمذابح الأرمن... حكومة «الداماد محمد فريد باشا» التركية بين السنوات 1919- 1920 أقرت بجريمة الإبادة الجماعية للأرمن وأصدرت المحكمة العسكرية التركية وقتها أحكام إعدام بحق القادة العثمانيين المشاركين فى المذابح.
صحيح أنها منحت المحكوم عليهم لاحقًا عفوا عاما سنة 1921.. لكن الدولة العثمانية سنة 1919 اعترفت رسميا بأن عملية إبادة الأرمن كانت «مذبحة وإبادة جماعية وجريمة حرب».
المأساة الأرمنية حسب التوصيف الدولى، مزدوجة بين خسارة الشعب وخسارة الوطن، لأنها كانت جريمة إبادة أمة بكاملها ومحو تراثها وحضارتها وليست أحداثا مؤسفة خارجة عن سيطرة العثمانيين كما تحاول ترويجه الحكومة التركية اليوم.
الأرمنُ جاءوا إلى مصر هربا من المذابح، ونقلت البحرية الفرنسية من نجا منهم من الإبادة الممنهجة إلى ميناء  بورسعيد، فى واحدة من كبريات عمليات الإنقاذ التى أنجزها عسكريون للمدنيين فى التاريخ الحديث.
نزل الأرمن إلى بورسعيد وعاشوا فيها 4 سنوات كاملة، قبل أن يتّجهوا إلى الإسكندرية والقاهرة لينصهروا فى النسيج المصرى، يؤدون الخدمة العسكرية فى جيشنا العظيم، ويبنون المصانع والمدارس، والمستشفيات، وأنديتهم وكنائسهم فى تسامح لم يجدوه فى أى مكان آخر فى العالم، ويؤسسون الصحف والمجلات ويملؤن حياتنا، ثراءً وفنًّا وحبًّا وسلاما.
الأرمن المصريون، أو كما يطلقون هم على أنفسهم المصريون الأرمن، مؤكدين أنهم مصريون حتى النخاع، انصهروا فى المجتمع المصرى،درسوا وعملوا ونجحوا وظهر منهم نوبار باشا أول رئيس وزراء لمصر.
 وعندنا فى البيت الكبير “روزاليوسف”، كان الأرمنى الأصل الكسندرصاروخان «1898 - 1977) يبدع لأعوام طويلة  وتحديدا منذ العام ١٩٢٧ وقتها  التقى  الكاتب الكبير محمد التابعى «رئيس تحرير روزاليوسف فى ذلك الوقت» بصاروخان،وأخذه معه للعمل بـ”روزاليوسف”، واستطاع صاروخان أن يكون أول رسام يبتكر شخصية نمطية كاريكاتيرية فى مصر تعبر عن العقل والمزاج العام للشعب، وهى شخصية «المصرى أفندى».
أيضا الجميلات نيللى ولبلبة وفيروز الطفلة وأنوشكا وليز ساركسيان الشهيرة بـ«إيمان»، قائمة طويلة من المبدعين والكتاب ورجال الأعمال والفنانين، وأساتذة جامعات،وأطباء  لن تشعر أبدا وأنت تتعامل معهم  أنهم ليسوا من نسيج هذا الوطن.