الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
إحسان الصحفى المضطهد وصديق الثورات!

إحسان الصحفى المضطهد وصديق الثورات!






دخل إحسان عمرى ولم يخرج منه، كان أصدقائى هم أصدقاؤه هكذا يلخص الصحفى الفلسطينى الأستاذ «ناصر الدين النشاشيبى» حكايته مع الاستاذ الكبير إحسان عبدالقدوس ويضيف قائلا:
كان كامل الشناوى يجرى صباح اليوم الواحد مكالمتين تليفونيتين اثنتين واحدة لى والثانية لإحسان، وكانت سهراتنا فى سميراميس مع كامل الشناوى وكان «إحسان» يبقى فى مكتبه بالمجلة حتى منتصف الليل ثم يأتى إلينا ويبقى معنا حتى يحين الموعد الذى نتناول فيه سندوتش الفول والطعمية والطرشى عند الفجر فى ميدان الإسماعيلية.
وكان إحسان غارقا فى كتابة القصص عن غرامياته التى يتخيلها ويحلم بها.
ويمضى ناصر النشاشيبى فى رسم صورة بالكلمات عن «إحسان» قائلا: والحق أن  إحسان ليس كمحمد التابعى مثلا لا يحب الفخفخة ولا المظاهر! كنت أعرف إحسان أثناء سكنه بحى العباسية المتواضع فى مصر ثم عرفته عندما انتقل إلى شقة متواضعة بشارع قصر العينى كان جاره فيها الممثل «سليمان نجيب» ثم زرته فى شقته بالزمالك وأشهد أن إحسان لم يتغير ولم يتبدل مطلقا!
لم يقل عن نفسه يوما أنه سليل عائلة «رومانوف» الروسية، ولا عائلة مبسبورغ النمساوية ولا أسرة البوربون الفرنسية، لم يهاجم أنور السادات - مثلا - لأن جدته زنجية ولم يتباه بتدخين السيجار ولم يملك عزبة خاصة لكى يدعو إليها الزملاء والاصدقاء فيظهر أمامهم بمظهر ابن الذوات!
كانت طبيعة إحسان أقرب إلى المعنى الإنسانى البسيط من طبيعة غيره، كان يتمنى أن يقال عنه الصحفى المضطهد أكثر من أن يقال عنه الصحفى المليونير أو ابن الذوات!
كان يشتهى أن يقال عنه الصحفى الثائر أو صديق الثورات أو الصحفى الذى دخل السجن، أكثر من أن يقال عنه السيد رئيس التحرير أو رئيس مجلس الإدارة أو مستشار الرئيس أو صديق «خروتشوف» - الزعيم السوفيتى - ذلك أن طبيعة الفنان فى إحسان عبدالقدوس تغلب طبيعة الصحفى، ومن مزايا الفنان بساطته، وأكبر مظاهر الفنان صدقه مع نفسه ومع الناس.
ويروى ناصر النشاشيبى هذه الواقعة بالغة الغرابة: فى العدد الأول من جريدة أخبار اليوم كتبت مقالا على الصفحة الأولى تحت عنوان «مطلوب رخصة تصدير» قلت فيه إن فلسطين تطالب مصر بأن ترسل لها عددا من زعماء مصر كى تستعين بهم على حل قضيتها! وذكرت أسماء: إسماعيل باشا صدقى ومكرم عبيد وحنفى باشا محمود وأحمد باشا حسنين وغيرهم!
وبعد أسبوع طلبنى الصديق إحسان عبدالقدوس بالتليفون وطلب منى مقالا لمجلة «روزاليوسف» فكتبت له مقالا بعنوان «لا يفل الحديد إلا الحديد» ولا يغلب إرهاب اليهود إلا إرهاب العرب وسُر إحسان بالمقال سرورا كبيرا ولكن مصطفى أمين اتصل بى على الفور وقال لى بالحرف الواحد معاتبا وغاضبا: إن الذى يكتب فى أخبار اليوم وعلى الصفحة الأولى لا يكتب فى «روزاليوسف»!
ولم أكن أدرى بمدى العداوة التى كانت تشوه علاقة مصطفى أمين بإحسان عبدالقدوس وكان مصطفى يكره السيدة «روزاليوسف» وبالتالى يكره ولدها إحسان وعندما سألت صديقى كامل الشناوى عن الحل؟ أجابنى مقهقها على طريقته: اترك أخبار اليوم و«روزاليوسف» معا وتعال واكتب لنا فى الأهرام!
وبعد سنوات طويلة عاد النشاشيبى ليهاجم كل نجوم الصحافة المصرية بلا سبب إلا الحقد والغيظ!
وتلك حكاية أخرى..