الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الحسن بن الهيثم

الحسن بن الهيثم






هوأبى الحسن بن الهيثم ولد بمدينة البصرة بالعراق وبها نشأ وتعلم وعاش فى فترة مزدهرة ظهر فيها عباقرة العلم والفلسفة والطب والكيمياء والرياضيات والفلك وجذبته هذه العلوم فأقبل عليها وقرأ منها الكثير وقام بتلخيص أكثر هذه الكتب ووضع مذكرات ورسائل فى موضوعات تلك العلوم حتى ذاعت شهرته فسمع بها الخليفة الفاطمى الحاكم بأمر الله فعزم على دعوته إلى مصر للاستعانة به وزاد من رغبته ما نمى إليه ما يقوله ابن الهيثم “لوكنت بمصر لعملت فى نيلها عملاً يحصل به النفع فى كل حالةٍ من حالاته زيادةً ونقصانًا” وكان ابن الهيثم فى هذه الفترة قد  تجاوز الستين من عمره فلما وصل إلى القاهرة أكرمه الحاكم بأمر الله وطلب منه تنفيذ ما قاله بخصوص نهر النيل فذهب الحسن إلى أسوان ومعه جماعة من الصناع المحترفين فى أعمال البناء ليستعين بهم على تنفيذ فكرته فى إقامة سد على النيل للتحكم فى مياهه غير أنه لما عاين الموقع الذى اختاره لتنفيذ مشروعه وجده لا يصلح مع ما فكر فيه ويستحيل تنفيذ إقامة السد بالإمكانيات المتاحة فى ذلك الوقت.
عاد الحسن بن الهيثم خجلاً إلى القاهرة اعتذر للخليفة الحاكم فتظاهر الخليفة بقبول عذره وولّاه بعض الدواوين فتولاها رهبةً لا رغبة، غير أن توليه هذا المنصب لم يكن ليجعله فى مأمن من نزوات الحاكم الطائشة وهومتقلب المزاج سريع البطش والعقاب وخشى ابن الهيثم من هذه التقلبات فلم يجد وسيلة للتخلص مما فيه إلا ادّعاء الجنون, فلما بلغ الحاكم ذلك عزله من منصبه وصادر أقواله وأمر بحبسه فى منزله وظل على هذا الحال حتى توفى الحاكم بأمر الله فعاد إلى الظهور والاشتغال بالعلم واستوطن دارًا بالقرب من الجامع الأزهر وأقام بالقاهرة مشتغلًا بالعلم والتصنيف ونسخ الكتب القديمة حتى توفى عام 1038م، 430هـ .
كان ابن الهيثم غزير التأليف متدفق الإنتاج فى شتى أنواع المعرفة, فطرق الفلسفة والمنطق والطب والفلك والبصريات والرياضيات مستحدثاً أنماطاً جديدة فى الفكر العلمى الأصيل, وقد بلغ عدد مؤلفاته مائتى (200) مؤلف, بالإضافة للرسائل الفكرية والمقالات الأخرى , ألف ابن الهيثم فى البصريات حوالى أربعة وعشرين موضوعًا ما بين كتاب ورسالة ومقالة غير أن أكثر هذه الكتب قد فُقدت فيما فُقد وما بقى منها ضمته مكتبات اسطنبول ولندن وقد سَلُم من الضياع كتابه الكبير ”البصريات“ الذى احتوى على نظريات مبتكرة فى علم الضوء وظل المرجع الرئيسى لهذا العلم حتى القرن السابع عشر الميلادى بعد ترجمته إلى اللاتينية.
ويعتبر الحسن بن الهيثم عالمًا عظيمًا فى علم البصريات ودراسة الرؤية فى الفترة ما بين الحضارة الإسلامية وبين عصر النهضة ويشمل عمله أكبر طفرة علمية فى مجال البصريات بعد عهد إقليدس وبطليموس فى الإسكندرية وكذلك فى مجال فسيولوجيا الإبصار بعد جالينوس . الحسن بن الهيثم هوأول من بيّن خطأ نظرية إقليدس وغيره فى أن شعاع الضوء ينبعث من العين ويقع على الأشياء فتبصرها العين وقررعكس هذه النظرية فى أن شعاع الضوء يخرج من الشىء المبصر ويقع على العين واستدل بالتجربة والمشاهدة على أن امتداد شعاع الضوء يكون على خط مستقيم.
عرّف ابن الهيثم الأجسام الشفافة وهى التى ينفذ منها الضوء ويدرك البصر ما وراءها كالهواء والماء وبيّن أن الضوء إذا نفذ من وسط شفاف إلى آخر شفاف انعطف عن استقامته. وبحث فى انكسار الأشعة الضوئية عند نفاذها فى الهواء المحيط بالكرة الأرضيه وبيّن أن كثافة الهواء فى الطبقات السفلى أكبر منها فى الطبقات العليا وأن الهواء لا يمتد من غير نهاية وإنما ينتهى عند ارتفاع معين، فإذا مر شعاع من الضوء خلال الطبقات الهوائية مختلفة الكثافه فإنه ينكسر رويدًا رويدًا وينحنى تدريجيًا نحوسطح الأرض، وترتب على ذلك أن النجم الذى ترقبه العين يظهر فى موضع أقرب من موضعه الحقيقى، وأشار إلى الخطأ الذى ينشأ عن ذلك فى الرصد ووجوب تصحيحه .