الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
بطل ثورة 1919 رئيسًا لتحرير «روزاليوسف»!

بطل ثورة 1919 رئيسًا لتحرير «روزاليوسف»!






بعد نحو عشرة شهور من صدور جريدة «روزاليوسف اليومية» فى 25 فبراير سنة 1935 فوجئت السيدة «روزاليوسف» باستقالة رئيس تحرير الجريدة الدكتور «محمود عزمى» وكان تفسيرها وقتها هو «كان واضحًا أن الوفد آت إلى الحكم عن قريب ولعله شاء أن يترك مسئوليته فى «روزاليوسف» التى بلغت فى خصومتها للوفد هذا المبلغ فقدم استقالته من رئاسة تحرير الجريدة».
وكان لا بد للاستقالة من حجة فقال محمود عزمى: إن «العقاد» تناول بالحذف إحدى مقالاته ولم يكن هذا بجديد فناقشته طويلا ولكنه أصر على موقفه وخرج!
وبعد خروج محمود عزمى «جاء خروج الكاتب الكبير عباس محمود العقاد» وكتبت السيدة «روزاليوسف» مقالا يوم 20 ديسمبر سنة 1935 عنوانه «كتاب مفتوح إلى الرأى العام من صاحبة الجريدة» تشرح فيه للقراء حقيقة ما جرى من عزمى والعقاد وتمنت لهما أصدق فى أعمالهما الجديدة.
وبدأت «روزاليوسف» فى البحث عن رئيس تحرير جديد للجريدة الوليدة التى تواجه حربًا شرسة من الوفد وقادته!
وفاتحت فى هذا الأمر «إبراهيم عبدالهادى باشا» فقد كان يتردد دائما على دارها - روزاليوسف - فاهمًا لحركة العمل فيها، ولكنه رفض هذا العرض..
ولم يطل انتظار السيدة «روزاليوسف» فقد وقع اختيارها على «عبدالرحمن فهمى بك» أحد أبطال ثورة سنة 1919 والرجل الذى اختاره «سعد زغلول» ليرأس الجهاز السرى لثورة 1919عندما استدعاه يوم 13 نوفمبر 1918 وطلب منه أن يشرف على العملية وينظمها ولا يتصل بأحد سواه وألا يعرف أحدا ما يقوم به.
وحسب شهادة الاستاذ «مصطفى أمين» فى كتابه «الكتاب الممنوع» عن ثورة 1919 فإن «سعد زغلول» رأى أن «عبدالرحمن فهمى» هو أصلح شخص لتولى هذه المهمة، أنه رجل عسكرى منظم، درس المديريات دراسة كاملة، عرف الشخصيات الموجودة فى كل إقليم، وضع إصبعه على نقط الضعف والقوة فى كل مكان، فى الجيش، فى البوليس، فى الإدارة ثم إن صلابته تجعل له سيطرة كاملة على الجهاز .
وكانت مهمة الجهاز السرى للثورة أن يحرس الثورة من الذين يخرجون عليها أو يحطمون صفوفها أو يشككون فى قيادتها، وبدأ عمله بالإشراف على عملية جمع التوكيلات من الشعب لسعد زغلول، ثم كلفه «سعد» بطبع المنشورات الأولى للثورة، ثم كلفة بمراقبة الوزراء والكبراء الذين يقاومون الحركة، وفكر فى أن يختاره عضوًا فى «الوفد» ثم عدل عن ذلك وقال: إن المصلحة أن يبقى رئيس الجهاز السرى فى الظلام وأن يكون بعيدًا عن الأضواء، حتى اذا اعتقل قادة الثورة بقيت الثورة تعمل!
وكان الإنجليز فى حيرة من قوة الجهاز السرى للثورة وخبرته وكفاءته، وكان من أقوى صفات «عبدالرحمن فهمى» إنه يشك فى كل شخص ويراقب كل شخص الأصدقاء والأعداء، وكان لهذا يستطيع أن يتغدى بخصوم الثورة قبل أن يتعشوا به!
وعندما كانت المخبرات الفرنسية فى باريس تتعاون مع المخابرات البريطانية لمراقبة قادة الثورة اثناء وجودهم فى باريس لعرض قضية مصر على مؤتمر الصلح، كانت الرسائل السرية بعدة طرق، ولعل أغربها أن «عبدالرحمن فهمى» اختار شابًا لم يكن له أى نشاط سياسى وغير مشتبه به وطلب إليه أن يتظاهر بأنه من «أولاد الحظ» الذين يحبون السهرات ويجلسون مع الغانيات ويهوون الرقص!
هذا الشاب كان الوسيط بينه وبين سعد زغلول ويتنقل بين القاهرة وباريس موهمًا أصدقاءه بأنه يحب فتاة فرنسية لا يستطيع أن يتحمل فراقها، وعندما يصل إلى باريس يذهب إلى الفتاة ويمضى معها إلى المطاعم والملاهى ثم تنفد نقوده فيعود إلى القاهرة من جديد، ويكون فى هذه الفترة قد اتصل بسعد زغلول وسلمه رسالة «عبدالرحمن فهمى»  السرية، وتسلم رسالة «سعد زغلول إلى عبدالرحمن فهمى».. إلخ.
لقد وصفه المناضل الكبير «فتحى رضوان» بالقول: إنه بطل ثورة سنة 1919 المجهول، أعد لها ولعب فيها أكبر أدواره وأدوارها وبذل لها الوقت والجهد والصحة والمال فلم يبخل بشىء وأنه وحده كان عقل هذه الثورة وأمين سرها وموجه خطاها.
هذا هو «عبدالرحمن فهمى بك» الذى اختارته السيدة «روزاليوسف» رئيسا لتحرير جريدة «روزاليوسف اليومية» بعد استقالة «محمود عزمى».
وللحكاية بقية!