
حازم منير
إفريقيا الشابة
القارة الإفريقية غريبة الحال، أطلقوا عليها ألقاب عدة، القارة السمراء، القارة السوداء، أرض الأجداد، القارة العجوزة، القارة الأقدم، فهى من أقدم الأراضى التى وطأ البشر أركانها، ورغم ذلك لم تحصل القارة على لقبها الأصح والمُستحق .
إنها القارة الشابة، أو الأرض الأكثر شبابا، وهو مصطلح دقيق، وتوصيف ملائم، فهى أرض لا تهرم ولا تطعن فى السن، إنما هى أرض كلما تجاوزت فى الزمن، ازدادت خيراتها، ونما عطاؤها، وأصبحت قبلة كل العالم المتقدم والساعى للتقدم، المُتطور والراغب فى التطور، الثرى والباحث عن الثروة .
لم يعد أمام العالم الثرى إلا أرض القارة الشابة، ليبحث فيها عن مصادر إضافية لتحقيق النمو والتطور، ولم يعد أمام العالم المتقدم إلا هذه الأرض الثرية بثرواتها الطبيعية والبشرية، والفتية بشعوبها وشبابها الذى اثبت تفوقا حين تعامل مع العلوم والتكنولوجيا .
فى الستينيات من القرن الماضى التقت القارة الشابة مع الزعيم جمال عبد الناصر وهى تبحث عن استقلالها وتحررها، فكانت وقتها قاعدة التحرر الوطنى فى العالم، وفى العشرية الثانية من القرن الحالى تلتقى القارة الشابة مع القائد عبد الفتاح السيسى وهى تبحث عن التنمية والتقدم، لتصبح وبحق قاعدة التنمية والانطلاق للمستقبل .
سؤال يفرض نفسه، ما الذى يدفع دولة بحجم الصين وإمكانياتها، للدخول فى سباق عنيف مع كبريات دول العالم، للدفع باستثماراتها فى القارة السمراء ؟ ولماذا يُبدى الكاوبوى الأمريكى العظيم كل هذا الاهتمام بالقارة الإفريقية وما يدور فيها، ويدخل فى منافسة مع العملاق الأصفر الصينى على الاستثمار والتعاون الاقتصادى مع شعوب القارة الأقدم .
انها حيوية الشباب للقارة التى أصبحت مجددا مطمع الدول الكبرى، ومحط أنظار الباحثين عن المستقبل، والراغبين فى التنمية، والباحثين عن الثروة، والتى لا تزال قادرة على العطاء، وتملك من الحيوية والطاقة ما فقدته حضارات وأمم كبرى، بعد أن استنزفها الزمن، ولا تجد إلا القارة الشابة سبيلا للمستقبل .
فى عصر ناصر وجدت القارة ضالتها فى فكر طرحه عبدالناصر من أجل الاستقلال والتحرر من دون مطامح استعمارية أو رغبة فى استغلال البشر وثرواتهم التى وهبها الله لهم، وهم الآن يجدون أمامهم الرئيس عبد الفتاح السيسى برؤيته التنموية، القائمة على التعاون والتنمية والتقدم لكل شعوب القارة من دون رغبة فى استئثار شخصى أو مصلحة أمة أو دولة على حساب الأخرى .
فى الكثير من دول القارة تسللت إسرائيل، وقدمت أشكالا من المساعدات البسيطة فى شكلها لكنها عميقة فى قيمتها التكنولوجيا، فاستطاعت أن تبسط نفوذها، وأن تدخل إلى مناطق ما كانت لتحلم بالتواجد فيها.
والآن تعود القاهرة مجددا إلى إفريقيا، برؤية اقتصادية – اجتماعية، رؤية تنموية، تقوم على التعاون المشترك بين شعوب دول العالم، ونبذ العنف والقوة فى حسم الخلافات، واعتماد السلام والمساواة بين البشر أساس فى العلاقات، وهى رؤية تستهدف فى المقام الأول الانطلاق بالقارة الشابة إلى الأمام، وبناء عصر التنمية والرخاء، بعد ما كنا متواجدين فى عصر الاستقلال والتحرر الوطنى.
مصر فى قلب إفريقيا الشابة دوما برؤيتها المساندة والداعمة من عصر عبد الناصر إلى عصر السيسى.