
حازم منير
حقوقيون يدعمون الإرهاب!
كثيرا ما تُعلن منظمات أو جماعات بيانات وتقرر مواقف انتقادية تخلط فيها بين ما هو حقوقى وما هو سياسى، إنما أن تُعلن تدابير وتوجه دعوات تحريضية ضد إجراءات تستهدف التفرقة والتمييز بين الحقوق وبين توظيفها لدعم الإرهاب فهذا هو المثير والمريب فى آن.
الواقع يؤكد كل يوم أن الإرهاب يحتمى بحقوق الإنسان، وأن الإرهابيين يمررون مخططاتهم وعملياتهم الخبيثة المُدمرة، ويهرعون من الجانب الآخر، يطلقون نداءات الاستغاثة لتبرئة الإرهابيين وحمايتهم من إنزال القانون عليهم.
ما يحدث فى باريس هذه الأيام مثلا واحد من أبسط وأقوى الأدلة، على تستر أنصار العنف - وهو بداية للإرهاب – بادعاءات حقوق الإنسان وحقهم فى التعبير عن الرأى، وبعد أن تراجعوا وتقلصت دعواتهم لانفضاض الناس عنهم، عادوا مجددا بموجة عنف أقوى بعد أن أظهرت دول ومنظمات دولية تعاطفا معهم، بزعم ممارسة حقوقهم الإنسانية الطبيعية.
وفى مصر تؤكد كل تجاربنا منذ السبعينيات وحتى الآن، أن أعمال الإرهاب وتصاعد العمليات الإرهابية، يترك آثاره على مساحات الحريات المقررة فى كل مجال، وهو يفرض قيودا حتى على حياتك وحرياتك الشخصية الطبيعية والتى تمارسها يوميا بتلقائية شديدة.
لذلك كان مثيرا أن تقف منظمات حقوقية دولية تعارض مقترحات مصرية بإضافة بند تأثير الإرهاب على الحقوق والحريات ضمن المسئوليات المقررة الخاص المعنية بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب، والأكثر إثارة أن تؤيدها دول أوروبية هى نفسها استخدمت التدابير الاستثنائية فى مواجهة الإرهاب والعنف مثل إنجلترا وفرنسا، بل لجأت الولايات المتحدة نفسها إلى إجراءات استثنائية لحماية حدودها من الهجرة غير القانونية للمكسيكيين وغيرهم إلى الأراضى الأمريكية.
الحاصل أن الإرهابيين يستخدمون ثغرات قانونية لحماية أنفسهم، والشاهد أن العديد من القضايا يتكشف أن مرتكبيها ممن استخدم القانون للإفلات، والبادى أن الكثير من العمليات يكون جزء من نجاحها مرتبط بعدم وجود إجراءات تتيح لسلطات إنفاذ القانون التعامل مع المتغيرات السريعة لإجهاض عمليات وأنشطة إرهابية.
المدهش أن الدول الأوروبية التى ترفض المطلب المصرى، مارست وتمارس تدابير وإجراءات استثنائية فى قضايا ومشكلات أقل بكثير من مكافحة العنف والإرهاب، ومنها مثلا قيود السفر والتنقل إلى الدول الأوروبية، للحد من عمليات انتقال الجنوبيين إلى بلدان الشمال، فضلا عن تدابير وإجراءات متشددة ضد الهجرة غير الشرعية.
من بين كل دول أوروبا، وافقت المانيا وحدها، على عودة أبنائها وحملة جنسيتها من الإرهابيين إلى بيوتهم، بينما رفضت كل دول أوروبا، السماح للإرهابيين بالعودة إلى بلادهم بعد استسلامهم وهزيمة تنظيمهم فى العراق وبعده سوريا، لقد تعللت الدول الأوروبية بحماية أمنها كمبرر لرفض عودة الإرهابيين إلى بلادهم.
نحن أمام واحدة من الحالات الفريدة، التى اعتادت دول أوروبا، أن تفاجئنا بها بين الحين والحين، لتفرض علينا قيودا، بينما هى تحرر نفسها من تلك القيود، وتفرض علينا قواعد، بينما هى تُطلق لنفسها العنان، رغم أننا وهم معا نتحدث عن مكافحة العنف والإرهاب وحماية الأمن القومى، لكن يبدو أننا نحارب فعلا، وهم يتكلمون فقط.
معركة الإرهاب يتسع مداها يوميا، وتتنقل بين الحدود والقارات، ووقتها لا تلومون إلا أنفسكم.