
حازم منير
مصر والإعلام الدولى
منذ سنوات طويلة وسؤال محدد يلح على ذهنى باستمرار، هل الدولة المصرية بكل مؤسساتها وجماعاتها أضعف من مواجهة مؤسسات ومنصات إعلامية ترتكب كل الانتهاكات والمخالفات فى حق هذا البلد ولا تجد هذه المنصات من يتعامل معها ويفرض عليها الالتزام بالقواعد المهنية الواجبة .
أعلم أن الأمور مختلفة إلى حد ما فى الآونة الأخيرة، وأن مؤسسات مثل هيئة الاستعلامات، أو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، يقوم كل منهم بما يستطيع فى مواجهة هذه التجاوزات وبوسائل وأدوات مختلفة ومتنوعة، ولكن يبدو أن الأمر يحتاج لأكثر من ذلك .
المسألة لم تعد مجرد استدعاء مراسل أو مدير مكتب لحوار أو «دردشة» وإنما تجاوزت ذلك إلى سياسات تحريرية تعكس موقفا رسميا من هذه المؤسسات يتجاوز أداء مراسل أو مدير مكتب، وتبدو هذه السياسات فى برامج وتقرير وخلافه من أدوات المهنة المتنوعة والمتعددة .
لا أريد الحديث عن اسم محدد لفضائية عربية أو أوروبية أو ذات صفة عالمية، ويكفى مجرد أن تشير إلى تقارير لمراسلين معتمدين ينقلون أحداثا مفرطة فى المحلية، من أحياء مُفرطة فى الفقر، وإظهار الأمر فى صورة المصيبة الكبرى التى تهدد الأمن القومى المصرى .
منصات أخرى مملوكة لرجال أعمال من جنسيات أخرى، بدلا من تأسيسهم أدوات إعلامية دولية، أو مؤسسات إعلامية فى أوطانهم، يُطلقون منصات تحمل اسم مصر، ويخصصونها إلى مصر، وهو شىء غريب جدا، وتنتقل إلى شاشاتها أجواء المزايدة والانتهاكات لكل القواعد، وهى تنتهك المواثيق الوطنية وتحتمى بجنسات أصحابها رغم ما تتسبب به من آلام ومشاعر مؤلمة .
المثير أن تلك المنصات الدولية – وليست العربية فقط – لا تستطيع أن تتناول ظاهرة سلبية واحدة فى بلادها، مثل انتشار ألمافيا فى دوائر الحكم ببلدان كبيرة ومعروفة، ولا تستطيع أولا ترغب فى إثارة قضايا الفقر والفساد فى بلدانها، وهى تستعوض ذلك « بفرد « عضلاتها على مصر، وتصرخ مستنجدة بحقوق الإنسان والحريات العامة إذا ما قررت هذه الدولة « الغلبانة» حماية حقوقها.
الأمر لا يتطلب بالقطع إجراءات انتقامية أو استثنائية ضد مرتكب هذه التجاوزات، وإنما يقتضى سياسات واضحة، تضع فى اعتبارها التعامل مع هذه التجاوزات وفرض القواعد على كل من يرغب العمل على أرضها وفى ظل قانونها.
فى فترات طويلة من عمر هذا الوطن، سادت سياسة التوازنات، وسياسات عفا الله عما سلف، وسياسات «ابننا فوت له المرة دى»، أو «صديقنا ومتفاهم معنا» ومن جراء تلك المقولات المزعجة، تفشت مظاهر اختراق القواعد وعدم احترام القوانين المحلية، والتعامل معها باستهتار بالغ لا يجرؤ مرتكبه اتباعه فى بلاده .
اعتقادى أننا فى حاجة إلى سياسة إعلامية رسمية، يتولى صياغتها وتطبيقها وزير إعلام، ترسم رؤية الدولة ومؤسساتها الحكومية، وتتولى التعبير عن الدولة، والتواصل مع المؤسسات الإعلامية فيما يتعلق بأمور الحكومة، وقبل كل ذلك تضع من التشريعات ما يرسم قواعد عمل المؤسسات الإعلامية فى البلاد، وكل ذلك بما لا يمس صلاحيات ودور المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.